پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص165

فأقيمت الصلاة ، فقال مالك : إذا كان قد دخل المسجد فأقيمت الصلاة ، فليدخل مع الامام في الصلاة ، ولا يركعهما في المسجد والامام يصلي الفرض ، وإن كان لم يدخل المسجد ، فإن لم يخف أن يفوته الامام بركعة ، فليركعهما خارج المسجد ، وإن خاف فوات الركعة ، فليدخل مع الامام ، ثم يصليهما إذا طلعت الشمس .

ووافق أبو حنيفة مالكا في الفرق بين أن يدخل المسجد ، أو لا يدخله ، وخالفه في الحد في ذلك ، فقال : يركعهما خارج المسجد ما ظن أنه يدرك ركعة من الصبح مع الامام وقال الشافعي : إذا أقيمت الصلاة المكتوبة ، فلا يركعهما أصلا ، لا داخل المسجد ولا خارجه ، وحكى ابن المنذر أن قوما جوزوا ركوعهما في المسجد ، والامام يصلي ، وهو شاذ .

والسبب في اختلافهم : اختلافهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام : إذا أقيمت الصلاة ، فلا صلاة إلا المكتوبة فمن حمل هذا على عمومه ، لم يجز صلاة ركعتي الفجر إذا أقيمت الصلاة المكتوبة لا خارج المسجد ، ولا داخله ، ومن قصره على المسجد ، فقد أجاز ذلك خارج المسجد ، ما لم تفته الفريضة ، أو لم يفته منها جزء ، ومن ذهب مذهب العموم ، فالعلة عنده في النهي ، إنما هو الاشتغال بالنفل عن الفريضة ، ومقصر ذلك على المسجد ، فالعلة عنده إنما هو أن تكون صلاتان معا في موضع واحد لمكان الاختلاف على الامام .

كما روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال : سمع قوم الاقامة ، فقاموا يصلون فخرج عليهم رسول الله ( ص ) ، فقال : أصلاتان معا أصلاتان معا قال : وذلك في صلاة الصبح ، والركعتين اللتين قبل الصبح .

وإنما اختلف مالك وأبو حنيفة في القدر الذي يراعى من فوات صلاة الفريضة من لجماعة للمشتغل بركعتي الفجر ، إذا كان فضل صلاة الجماعة عندهم أفضل من ركعتي الفجر فمن رأى أنه بفوات ركعة منها يفوته فضل صلاةالجماعة قال يتشاغل بها ما لم تفته ركعة من الصلاة المفروضة ، ومن رأى أنه يدرك الفضل إذا أدرك ركعة من الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام : من أدرك ركعة من الصلاة ، فقد أدرك الصلاة أي قد أدرك فضلها وحمل ذلك على عمومه في تارك ذلك قصدا ، أو بغير اختيار ، قال : يتشاغل بها ما ظن أنه يدرك ركعة منها .

ومالك إنما يحمل هذا الحديث والله أعلم على من فاتته الصلاة دون قصد منه لفواتها ، ولذلك رأى أنه إذا فاتته منها ركعة ، فقد فاته فضلها .

وأما من أجاز ركعتي الفجر في المسجد ، والصلاة تقام ، فالسبب في ذلك أحد أمرين : إما أنه لم يصح عنده هذا الاثر ، أو لم يبلغه .

قال أبو بكر بن المنذر : هو أثر ثابت : أعني قوله عليه الصلاة والسلام : إذا أقيمت الصلاة ، فلا صلاة إلا المكتوبة وكذلك صححه أبو عمر بن عبد البر ، وإجازة ذلك تروى عن ابن مسعود .

والرابعة في وقت قضائها إذا فاتت حتى صلى الصبح ، فإن طائفة قالت يقضيه بعد صلاة الصبح .

وبه قال عطاء وابن جريج ، وقال قوم : يقضيها بعد طلوع الشمس ، ومن هؤلاء من جعل لها