بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص164
فمن راعى من الوتر المعنى المعقول ، وهو ضد الشفع ، قال : ينقلب شفعا إذا أضيف إليه ركعة ثانية ، ومن راعى منه المعنى الشرعي ، قال : ليس ينقلب شفعا ، لان الشفع نفل ، والوتر سنة مؤكدة ، أو واجبة .
واتفقوا على أن ركعتي الفجر سنة لمعاهدته عليه الصلاة ، والسلام على فعلها أكثر منه على سائر النوافل ، ولترغيبه فيها ، ولانه قضاها بعد طلوع الشمس حين نام عن الصلاة .
واختلفوا من ذلك في مسائل : إحداها : في المستحب من القراءة فيهما ، فعند مالك المستحب أن يقرأ فيهما بأم القرآن فقط ، وقال الشافعي : لا بأس أن يقرأ فيهما بأم القرآن مع سورة قصيرة ، وقال أبو حنيفة لا توقيف فيهما في القراءة يستحب ، وأنه يجوز أن يقرأ فيهما المرء حزبه من الليل .
والسبب في اختلافهم : اختلاف قراءته عليه الصلاة والسلام في هذه الصلاة ، واختلافهم في تعيين القراءة في الصلاة ، وذلك أنه روي عنه عليه الصلاة والسلام : أنه كان يخفف ركعتي الفجر على ما روته عائشة قالت : حتى أني أقول أقرأ فيهما بأم القرآن أم لا ؟ .
فظاهر هذا أنه كان يقرأ فيهما بأم القرآن فقط .
وروي عنه من طريق أبي هريرة خرجه أبو داود : أنه كان يقرأ فيهما ب
( قل هو الله أحد)
، و
( قل يا أيها الكافرون)
فمن ذهب مذهب حديث عائشة ، اختار قراءة أم القرآن فقط ، ومن ذهب مذهب الحديث الثاني اختار أم القرآن وسورة قصيرة ، ومن كان على أصله في أنه لا تتعين القراءة في الصلاة لقوله تعالى :
( فاقرءوا ما تيسر منه)
قال يقرأ فيهما ما أحب .
والثانية : في صفة القراءة المستحبة فيهما ، فذهب مالك ، والشافعي ، وأكثر العلماء إلى أن المستحب فيهما هو الاسرار وذهب قوم إلى أن المستحب فيهما هو الجهر وخير قوم في ذلك بين الاسرار والجهر .
والسبب في ذلك : تعارض مفهوم الاثار ، وذلك أن حديث عائشة المتقدم المفهوم من ظاهره : أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ فيهما سرا ولولا ذلك لم تشك عائشة هل قرأ فيهما بأم القرآن ، أم لا ؟ وظاهر ما روى أبو هريرة : أنه كان يقرأ فيهما ب
( قل يا أيها الكافرون)
، و
( قل هو الله أحد)
أن قراءته عليه الصلاة والسلامفيهما كانت جهرا ، ولولا ذلك ما علم أبو هريرة ما كان يقرأ فيهما .
فمن ذهب مذهب الترجيح بين هذين الاثرين ، قال : إما باختيار الجهر إن رجح حديث أبي هريرة ، وإما باختيار الاسرار إن رجح حديث عائشة ، ومن ذهب مذهب ي الفجر ، وأدرك الامام في الصلاة ، أو دخل المسجد ليصلي