پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص163

الذي نقل عن ابن مسعود في ذلك قول .

أعني أنه كان يقول : إن وقت الوتر من بعد العشاء الاخرة إلى صلاة الصبح ، فليس يجب لمكان هذا أن يظن بجميع من ذكرناه من الصحابة ، أنه يذهب هذا المذهب من قبل أنه أبصر يصلي الوتر بعد الفجر ، فينبغي أن تتأمل صفة النقل في ذلك عنهم .

وقد حكى ابن المنذر في وقت الوتر عن الناس خمسة أقوال : منها القولان المشهوران اللذان ذكرتهما ، والقول الثالث أنه يصلي الوتر وإن صلى الصبح ، وهو قول طاوو س .

والرابع أنه يصليها وإن طلعت الشمس ، وبه قال أبو ثور والاوزاعي ، والخامس أنه يوتر من الليلة القابلة ، وهو قول سعيد بن جبير .

وهذا الاختلاف إنما سببه اختلافهم في تأكيده ، وقربه من درجة الفرض ، فمن رآه أقرب أوجب القضاء في زمان أبعد من الزمان المختص به ، ومن رآه أبعد أوجب القضاء في زمان أقرب ، ومن رآه سنة كسائر السنن ضعف عنده القضاء ، إذ القضاء إنما يجب فيالواجبات ، وعلى هذا يجئ اختلافهم في قضاء صلاة العيد لمن فاتته ، وينبغي أن لا يفرق في هذا بين الندب ، والواجب : أعني أن من رأى أن القضاء في الواجب يكون بأمر متجدد أن يعتقد مثل ذلك في الندب ، ومن رأى أنه يجب بالامر الاول أن يعتقد مثل ذلك في الندب .

وأما اختلافهم في القنوت فيه ، فذهب أبو حنيفة ، وأصحابه إلى أنه يقنت فيه ، ومنعه مالك وأجازه الشافعي في أحد قوليه في النصف الاخر من رمضان وأجازه قوم في النصف الاول من رمضان ، وقوم في رمضان كله .

والسبب في اختلافهم في ذلك : اختلاف الاثار ، وذلك أنه روي عنه ( ص ) القنوت مطلقا ، وروي عنه القنوت شهرا ، وروي عنه أنه آخر أمره لم يكن يقنت في شئ من الصلاة ، وأنه نهى عن ذلك .

وقد تقدمت هذه المسألة .

وأما صلاة الوتر على الراحلة حيث توجهت به ، فإن الجمهور على جواز ذلك لثبوت ذلك من فعله عليه الصلاة والسلام أعني أنه كان يوتر على الراحلة ، وهو ما يعتمدونه في الحجة على أنها ليست بفرض ، إذ كان قد صح عنه عليه الصلاة والسلام : أنه كان يتنفل على الراحلة ولم يصح عنه أنه صلى قط مفروضة على الراحلة ، وأما الحنفية فلمكان اتفاقهم معهم على هذه المقدمة ، وهو أن كل صلاة مفروضة لا تصلى على الراحلة واعتقادهم أن الوتر فرض ، وجب عندهم من ذلك أن لا تصلى على الراحلة وردوا الخبر بالقياس .

وذلك ضعيف .

وذهب أكثر العلماء إلى أن المرء إذا أوتر ، ثم نام ، فقام يتنفل أنه لا يوتر ثانية ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لا وتران في ليلة خرج ذلك أبو داود .

وذهب بعضهم إلى أنه يشفع الوتر الاول بأن يضيف إليه ركعة ثانية ويوتر أخرى بعد التنفل شفعا وهي المسألة التي يعرفونها بنقض الوتر ، وفيه ضعف من وجهين : أحدهما : أن الوتر ليس ينقلب إلى النفل بتشفيعه ، والثاني : أن التنفل بواحدة غير معروف من الشرع .

وتجويز هذا ، ولا تجويزه ، هو سبب الخلاف في ذلك ،