بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص152
هذا : هو ما يظن من التعارض بين عموم قوله عليه الصلاة والسلام : ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا وبين مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام : من أدرك ركعة من الصلاة ، فقد أدرك الصلاة فإنه من صار إلى عموم قوله عليه الصلاة والسلام : وما فاتكم فأتموا أوجب أن يقضي ركعتين ، وإن أدرك منها أقل من ركعتين ، ومن كان المحذوف عنده في قوله عليه الصلاة والسلام : فقد أدرك الصلاة أي فقد أدرك حكم الصلاة ، وقال : دليل الخطاب يقتضي أن من أدرك أقل من ركعة ، فلم يدرك حكم الصلاة .
والمحذوف في هذا القول محتمل فإنه يمكن أن يراد به فضل الصلاة ، ويمكن أن يراد به وقت الصلاة ، ويمكن أن يراد به حكم الصلاة ، ولعله ليس هذا المجاز في أحدهما أظهر منه في الثاني ، فإن كان الامر كذلك كان من باب المجمل الذي لا يقتضي حكما ، وكان الاخر بالعموم أولى ، وإن سلمنا أنه أظهر في أحد هذه يرى ذلك ، لم يكن هذا الظاهر معارضا للعموم ، إلا مباب دليل الخطاب والعموم أقوى من دليل الخطاب عند الجميع ، ولا سيما الدليل المبني على المحتمل أو الظاهر .
وأما من يرى أن قوله عليه الصلاة والسلام : فقد أدرك الصلاة أنه يتضمن جميع هذه المحذوفات فضعيف ، وغير معلوم من لغة العرب ، إلا أن يتقرر أن هناك اصطلاحا عرفيا أو شرعيا .
وأما مسألة اتباع المأموم للامام في السجود : أعني في سجود السهو ، فإن قوما اعتبروا في ذلك الركعة : أعني أن يدرك من الصلاة معه ركعة وقوم لم يعتبروا في ذلك فمن لم يعتبر ذلك فمصيرا إلى عموم قوله عليه الصلاة والسلام : إنما جعل الامام ليؤتم به .
ومن اعتبر ذلك فمصيرا إلى مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام : فقد أدرك الصلاة ولذلك اختلفوا في المسألة الثالثة ، فقال قوم : إن المسافر إذا أدرك من صلاة الامام الحاضر أقل من ركعة لم يتم وإذا أدرك ركعة لزمه الاتمام .
فهذا حكم القضاء الذي يكونلبعض الصلاة من قبل سبق الامام له .
وأما حكم القضاء لبعض الصلاة الذي يكون للامام ، والمنفرد من قبل النسيان ، فإنهم اتفقوا على أن ما كان منها ركنا فهو يقضى : أعني فريضة ، وأنه ليس يجزي منه إلا الاتيان به ، وفيه مسائل اختلفوا فيها ، بعضهم أوجب فيها القضاء ، وبعضهم أوجب فيها الاعادة مثل من نسي أربع سجدات من أربع ركعات : سجدة من كل ركعة ، فإن قوما قالوا : يصلح الرابعة بأن يسجد لها ويبطل ما قبلها من الركعات ، ثم يأتي بها ، وهو قول مالك وقوم قالوا : تبطل الصلاة بأسرها ، ويلزمه الاعادة ، وهي إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل ، وقوم قالوا : يأتي بأربع سجدات متوالية وتكمل بها صلاته وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، والاوزاعي ، وقوم قالوا : يصلح الرابعة ، ويعتد بسجدتين ، وهو مذهب الشافعي .
وسبب الخلاف في هذا : مراعاة الترتيب ، فمن راعاه في الركعات والسجدات أبطل الصلاة ، ومن راعاه في السجدات أبطل الركعات ما عدا الاخيرة قياسا