بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص151
وأما المسألة الثانية : من المسائل الثلاث الاول التي هي أصول هذا الباب وهي هل إتيان المأموم بما فاته من الصلاة مع الامام أداء ، أو قضاء ، فإن في ذلك ثلاثة مذاهب : قوم قالوا : إن ما يأتي به بعد سلام الامام هو قضاء وإن ما أدرك ليس هو أول صلاته وقوم قالوا : إن الذي يأتي به بعد سلام الامام هو أداء ، وإن ما أدرك هو أول صلاته وقوم فرقوا بين الاقوال والافعال ، فقالوا : يقضي في الاقوال يعنون في القراءة ، ويبني في الافعال يعنون الاداء ، فمن أدرك ركعة من صلاة المغرب – على المذهب الاول : أعني مذهب القضاء – قام إذا سلم الامام إلى ركعتين يقرأ فيهما بأم القرآن وسورة من غير أن يجلس بينهما .
وعلى المذهب الثاني : أعني على البناء قام إلى ركعة واحدة يقرأ فيها بأم القرآن وسورة ويجلس ، ثم يقوم إلى ركعة يقرأ فيها بأم القرآن فقط .
وعلى المذهب الثالث يقوم إلى ركعة ، فيقرأ فيها بأم القرآن وسورة ثم يجلس ثم يقوم إلى ركعة ثانية يقرأ فيها أيضا بأم القرآن وسورة .
وقد نسبت الاقاويل الثلاثة إلى المذهب ، والصحيح عن مالك أنه يقضى في الاقوال ، ويبنى في الافعال ، لانه لم يختلف قوله في المغرب أنه إذا أدرك منها ركعة أن يقوم إلى الركعة الثانية ثم يجلس ، ولا اختلاف في قوله إنه يقضي بأم القرآن وسورة .
وسبب اختلافهم : أنه ورد في بعض روايات الحديث المشهور : فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا والاتمام يقتضي أن يكون ما أدرك هو أول صلاته ، وفي بعض فاقضوا والقضاء يوجب أن ما أدرك هو آخر صلاته ، فمن ذهب مذهب الاتمام قال : ما أدرك هو أول صلاته ، ومن ذهب مذهب القضاء قال : ما أدرك هو آخر صلاته ، ومن ذهب مذهب الجمع جعل القضاء في الاقوال ، والاداء في الافعال ، وهو ضعيف : أعني أن يكون بعض الصلاة أداء وبعضها قضاء .
واتفاقهم على وجوب الترتيب في أجزاء الصلاة ، وعلى أن موضع تكبيرة الاحرام هو افتتاح الصلاة ، ففيه دليل واضح على أن ما أدرك هو أول صلاته ، لكن تختلف نية المأموم والامام في الترتيب ، فتأمل هذا .
ويشبه أن يكون هذا هو أحد ما راعاه من قال : ما أدرك فهو آخر صلاته .
وأما المسألة الثالثة : من المسائل الاول ، وهي متى يلزم المأموم حكم صلاة الامام في الاتباع ، فإن فيها مسائل .
إحداها : متى يكون مدركا لصلاة الجمعة .
والثانية : متى يكون مدركا معه لحكم سجود السهو : أعني سهو الامام .
والثالثة : متى يلزم المسافر الداخل وراء إمام يتم الاتمام إذا أدرك من صلاة الامام بعضها ؟ فأما المسألة الاولى : فإن قوما قالوا : إذا أدرك ركعة من الجمعة ، فقد أدرك الجمعةويقضي ركعة ثانية ، وهو مذهب مالك والشافعي فإن أدرك أقل صلى ظهرا أربعا .
وقوم قالوا : بل يقضي ركعتين أدرك منها ما أدرك ، وهو مذهب أبي حنيفة .
وسبب الخلاف في