بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص134
وسبب اختلافهم : هل النهي عن الشئ الذي أصله مباح إذا تقيد النهي بصفة ، يعود بفساد المنهي عنه أم لا ؟ وآداب الجمعة ثلاثة : الطيب ، والسواك ، واللباس الحسن ، ولا خلاف فيه لورود الاثار بذلك .
، الفصل الثاني : في الجمع .
الفصل الاول : في القصر والسفر له تأثير في القصر باتفاق ، وفي الجمع باختلاف .
أما القصر ، فإنه اتفق العلماء على جواز قصر الصلاة للمسافر إلا قول شاذ وهو قول عائشة ، وهو أن القصرلا يجوز إلا للخائف لقوله تعالى :
( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا)
وقالوا : إن النبي عليه الصلاة والسلام إنما قصر لانه كان خائفا .
واختلفوا من ذلك في خمسة مواضع : أحدها : في حكم القصر ، والثاني : في المسافة التي يجب فيها القصر ، والثالث : في السفر الذي يجب فيه القصر ، والرابع في الموضع الذي يبدأ منه المسافر بالتقصير والخامس في مقدار الزمان الذي يجوز للمسافر فيه إذا أقام في موضع أن يقصر الصلاة .
فأما حكم القصر ، فإنهم اختلفوا فيه على أربعة أقوال : فمنهم من رأى أن القصر هو فرض المسافر المتعين عليه ، ومنهم من رأى أن القصر والاتمام ، كلاهما فرض مخير له كالخيار في واجب الكفارة ، ومنهم من رأى أن القصر سنة ، ومنهم من رأى أنه رخصة ، وأن الاتمام أفضل .
وبالقول الاول قال أبو حنيفة ، وأصحابه والكوفيون بأسرهم : أعني أنه فرض متعين وبالثاني قال بعض أصحاب الشافعي وبالثالث – أعني أنه سنة – قال مالك في أشهر الروايات عنه ، وبالرابع أعني أنه رخصة قال الشافعي في أشهر الروايات عنه ، وهو المنصور عند أصحابه .
والسبب في اختلافهم : معارضة المعنى المعقول لصيغة اللفظ المنقول .
ومعارضة دليل الفعل أيضا للمعنى المعقول ، ولصيغة اللفظ المنقول .
وذلك أن المفهوم من قصر الصلاة للمسافر إنما هو الرخصة لموضع المشقة ، كما رخص له في الفطر ، وفي أشياء كثيرة ، ويؤيد هذا حديث يعلى بن أمية قال : قلت لعمر : إنما قال الله :
( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا)
يريد في قصر الصلاة في السفر ، فقال عمر : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله ( ص ) عما سألتني عنه ، فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته فمفهوم هذا الرخصة .
وحديث أبي قلابة عن رجل من بني عامر أنه أتى النبي ( ص ) ، فقال له النبي ( ص ) : إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وهما