بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص129
والسلطان مع هذا ، ولم يشترط العدد .
وسبب اختلافهم في هذا الباب : هو الاحتمال المتطرق إلى الاحوال الراتبة التى اقترنت بهذه الصلاة عند فعله إياها ( ص ) هل هي شرط في صحتها ، أو وجوبها ، أليست بشرط ؟ وذلك أنه لم يصلها ( ص ) إلا في جماعة ، ومصر ، ومسجد جامع ، فمن رأى أن اقتران هذه الاشياء بصلاته مما يوجب كونها شرطا في صلاة الجمعة ، اشترطها ، ومن رأى بعضها دون بعض ، اشترط ذلك البعض دون غيره كاشتراط مالك المسجد وتركه اشتراط المصر والسلطان .
ومن هذا الموضوع اختلفوا في مسائل كثيرة من هذا الباب مثل اختلافهم هل تقام جمعتان في مصر واحد ، أو لا تقام ؟ والسبب في اختلافهم في اشتراط الاحوال والافعال المقترنة بها : هو كون بعض تلك الاحوال أشد مناسبة لافعال الصلاة من بعض ، ولذلك اتفقوا على اشتراط الجماعة ، إذ كان معلوما من الشرع أنها حال من الاحوال الموجودة في الصلاة ، ولم ير مالك المصر ولا السلطان شرطا في ذلك لكونه غير مناسب لاحوال الصلاة ، ورأى المسجد شرطا لكونه أقرب مناسبة حتى لقد اختلف المتأخرون من أصحابه هل من شرط المسجد السقف أم لا ؟ وهل من شرطه أن تكون الجمعة راتبة فيه أم لا ؟ وهذا كله لعله تعمق في هذا الباب ودين الله يسر ، ولقائل أن يقول : إن هذه لو كانت شروطا في صحة الصلاة ، لما جاز أيسكت عنها عليه الصلاة والسلام ، ولا أن يترك بيانها لقوله تعالى :
( لتبين للناس ما نزل إليهم)
ولقوله تعالى :
( لتبين لهم الذي اختلفوا فيه)
والله المرشد للصواب .
الفصل الثالث : في الاركان اتفق المسلمون على أنها خطبة ، وركعتان بعد الخطبة ، واختلفوا من ذلك في خمس مسائل هي قواعد هذا الباب المسألة الاولى : في الخطبة ، هل هي شرط في صحة الصلاة ، وركن من أركانها أم لا ؟فذهب الجمهور إلى أنها شرط ، وركن وقال أقوام : إنها ليست بفرض ، وجمهور أصحاب مالك على أنها فرض إلا ابن الماجشون .
وسبب اختلافهم : هو هل الاصل المتقدم من احتمال كل ما اقترن بهذه الصلاة أن يكون من شروطها ، أو لا يكون ؟ فمن رأى أن الخطبة حال من الاحوال المختصة بهذه الصلاة ، وبخاصة إذا توهم أنها عوض من الركعتين اللتين نقصتا من هذه الصلاة قال : إنها ركن من أركان هذه الصلاة وشرط في صحتها ، ومن رأى أن المقصود منها هو الموعظة المقصودة من سائر الخطب ، رأى أنهليست شرطا من شروط الصلاة ، وإنما وقع الخلاف في هذه الخطبة هل هي فرض أم لا ؟ لكونها راتبة من سائر الخطب ، وق