بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص118
الذي اختاره الابهري تأولا على المذهب .
ومنهم من فرق بين أن يكون فسقه بتأويل ، أو يكون بغير تأويل مثل الذي يشرب النبيذ ، ويتأول أقوال أهل العراق ، فأجازوا الصلاة وراء المتأول ، ولم يجيزوها وراء غير المتأول .
وسبب اختلافهم في هذا : أنه شئ مسكوت عنه في الشرع ، والقياس فيه متعارض ، فمن رأى أن الفسق لما كان لا يبطل صحة الصلاة ، ولم يكن يحتاج المأموم من إمامه إلا صحة صلاته فقط على قول من يرى أن الامام يحمل عن المأموم ، أجاز إمامة الفاسق ، ومن قاس الامامة على الشهادة ، واتهم الفاسق أن يكون يصلي صلاة فاسدة كما يتهم في الشهادة أن يكذب ، لم يجز إمامته ، ولذلك فرق قوم بين أن يكون فسقه بتأويل أو بغير تأويل ، وإلى قريب من هذا يرجع من فرق بين أن يكون فسقه مقطوعا به ، أو غير مقطوع به ، لانه إذا كان مقطوعا به ، فكأنه غير معذور في تأويله .
وقد رام أهل الظاهر أن يجيزوا إمامة الفاسق بعموم قوله عليه الصلاة والسلام : يؤم القوم أقرؤهم قالوا : فلم يستثن من ذلك فاسقا من غير فاسق ، والاحتجاج بالعموم في غير المقصود ضعيف .
ومنهم من فرق بين أن يكون فسقه في شروط صحة الصلاة ، أو في أمور خارجة عن الصلاة بناء على أن الامام ، إنما يشترط فيه وقوع صلاته صحيحة .
المسألة الرابعة : اختلفوا في إمامة المرأة ، فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤمالرجال ، واختلفوا في إمامتها النساء ، فأجاز ذلك الشافعي ومنع ذلك مالك وشذ أبو ثور والطبري ، فأجازا إمامتها على الاطلاق ، وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال ، لانه لو كان جائزا لنقل ذلك عن الصدر الاول ، ولانه أيضا لما كانت سنتهن في الصلاة التأخير عن الرجال علم أنه ليس يجوز لهن التقدم عليهم لقوله عليه الصلاة والسلام : أخروهن حيث أخرهن الله ولذلك أجاز بعضهم إمامتها النساء إذ كن متساويات في المرتبة في الصلاة ، مع أنه أيضا نقل ذلك عن بعض الصدر الاول .
ومن أجاز إمامتها ، فإنما ذهب إلى ما رواه أبو داود من حديث أم ورقة : أن رسول الله ( ص ) كان يزورها في بيتها ، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها ، وأمرها أن تؤم أهل دارها .
وفي هذا الباب مسائل كثيرة : أعني من اختلافهم في الصفات المشترطة في الامام تركنا ذكرها ، لكونها مسكوتا عنها في الشرع .
قال القاضي : وقصدنا في هذا الكتاب إنما هذكر المسائل المسموعة ، أو ما له تعلق قريب بالمسموع .
وأما
فإن في ذلك أربع مسائل متعلقة بالسمع : إحداها : هل يؤمن الامام إذا فرغ من قراءة أم القرآن ؟ أم المأموم هو الذي يؤمن فقط ؟ والثانية : متى يكبر تكبيرة الاحرام ؟ .
والثالثة : إذا ارتج عليه هل يفتح عليه أم لا ؟ والرابعة : هل يجوز أن يكون موضعه أرفع من موضع المأمومين ؟ فأما هل يؤمن الامام إذا فرغ من قراءة أم الكتاب ؟ فإن مالكا ذهب في رواية ابن القاسم عنه والمصريين أنه لا يؤمن .
وذهب جمهور