پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص109

أحدها : في حكمه ، والثاني : في المواضع التي ترفع فيها من الصلاة .

والثالث : إلى أين ينتهي برفعها .

فأما الحكم ، فذهب الجمهور إلا أنه سنة في الصلاة وذهب داود ، وجماعة من أصحابه إلى أن ذلك فرض وهؤلاء انقسمو أقساما فمنهم من أوجب ذلك في تكبيرة الاحرام فقط ومنهم من أوجب ذلك في الاستفتاح ، وعند الركوع ، أعني عند الانحطاط فيه ، وعند الارتفاع منه ومنهم من أوجب ذلك في هذين الموضعين ، وعند السجود ، وذلك بحسب اختلافهم في المواضع التي يرفع فيها .

وسبب اختلافهم : معارضة ظاهر حديث أبي هريرة الذي فيه تعليم فرائض الصلاة لفعله عليه الصلاة والسلام ، وذلك أن حديث أبي هريرة إنما فيه أنه قال له : وكبر ولم يأمره برفع يديه وثبت عنه عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عمر وغيره : أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة .

وأما اختلافهم في المواضع التي ترفع فيها : فذهب أهل الكوفة : أبو حنيفة وسفيان الثوري ، وسائر فقهائهم إلى أنه لا يرفع المصلي يديه إلا عند تكبيرة الاحرام فقط ، وهي رواية ابن القاسم عن مالك .

وذهب الشافعي ، وأحمد ، وأبو عبيد ، وأبو ثور وجمهور أهل الحديث ، وأهل الظاهر إلى الرفع عند تكبيرة الاحرام ، وعند الركوع ، وعند الرفع من الركوع وهو مروي عن مالك ، إلا أنه عند بعض أولئك فرض ، وعند مالك سنة ، وذهب بعض أهل الحديث إلى رفعها عند السجود ، وعند الرفع منه .

والسبب في هذا الاختلاف كله : اختلا ف الاثار الواردة في ذلك ، ومخالفة العمل بالمدينة لبعضها ، وذلك أن في ذلك أحاديث : أحدها : حديث عبد الله بن مسعود وحديث البراء بن عازب : أنه كان عليه الصلاة والسلام يرفع يديه عند الاحرام مرة واحدة لا يزيد عليها .

والحديث الثاني : حديث سالم بن عبد الله ابن عمر عن أبيه : أن رسول الله ( ص ) كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما أيضا كذلك ، وقال : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد .

وكان لا يفعل ذلك في السجود ، وهو حديث متفق على صحته ، وزعموا أنه روى ذلك عن النبي ( ص ) ثلاثة عشر رجلا من أصحابه .

حديث وائل بن حجر وفيه زيادة على ما في حديث عبد الله بنعمر : أنه كان يرفع يديه عند السجود .

فمن حمل الرفع هاهنا على أنه ندب ، أو فريضة فمنهم من اقتصر به على الاحرام فقط ترجيحا لحديث عبد الله بن مسعود وحديث البراء بن عازب وهو مذهب مالك لموافقة العمل به ، ومنهم من رجح حديث عبد الله بن عمر ، فرأى الرفع في الموضعين : أعني في الركوع ، وفي الافتتاح لشهرته ، واتفق الجميع عليه ، ومن كان رأيه من هؤلاء أن الرفع فريضة ، حمل ذلك على الفريضة ، ومن كان رأيه أنه ندب ، حمل ذلك على الندب .

ومنهم من ذهب مذهب الجمع ، وقال : إنه يجب أن تجمع هذه الزيادات بعضها إلى بعض على ما في حديث وائل بن حجر ، فإذن العلماء ذهبوا في هذه الاثار مذهبين : إما مذهب الترجيح ، وإما مذهب الجمع .

والسبب في اختلافهم : في حمل رفع اليدين في الصلاة هل هو على الندب ، أو على الفرض ، هو السبب الذي قلناه