بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص105
الذي في الظاهر تدل على العهد ، فينبغي أن يتأمل هذا في كلام العرب ، فإن وجدت العرب تفعل هذا ، أعنى تتجوز في موطن ما ، فتدل بما على شئ معين ، فليسغ هذا التأويل ، وإلا فلا وجه له ، فالمسألة كما ترى محتملة ، وإنما كان يرتفع الاحتمال لو ثبت النسخ .
وأما اختلاف من أوجب أم الكتاب في الصلاة في كل ركعة أو في بعض الصلاة ، فسببه احتمال عودة الضمير الذي في قوله عليه الصلاة والسلام : لم يقرأ فيها بأم القرآن على كل أجزاء الصلاة أو على بعضها ، وذلك أن من قرأ في الكل منها ، أو في الجزء : أعني في ركعة ، أو ركعتين لم يدخل تحت قوله عليه الصلاة والسلام : لم يقرأ فيها وهذا الاحتمال بعينه هو الذي أصار أبا حنيفة إلى أن يترك القراءة أيضا في بعض الصلاة : أعني في الركعتين الاخيرتين .
واختار مالك أن يقرأ في الركعتين الاوليين من الرباعية بالحمد ، وسورة ، وفي الاخيرتين بالحمد فقط ، فاختار الشافعي أن يقرأ في الاربع من الظهر بالحمد ، وسورة ، إلا أن السورة التي تقرأ في الاوليين تكون أطول فذهب مالك إلى حديث أبي قتادة الثابت : أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الاوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ، وفي الاخريين منها بفاتحة الكتاب فقط وذهب الشافعي إلى ظاهر حديث أبي سعيد الثابت أيضا : أنه كان يقرأ في الركعتين الاوليين من الظهر قدر ثلاثين آية ، وفي الاخريين قدر خمس عشرة آية .
ولم يختلفوا في العصر لاتفاق الحديثين فيها ، وذلك أن في حديث أبي سعيد هذا : أنه كان يقرأ في الاوليين من العصر قدر خمس عشرة آية ، وفي الاخريين قدر النصف من ذلك .
المسألة السادسة : اتفق الجمهور على منع قراءة القرآن في الركوع والسجود لحديث علي في ذلك قال : نهاني جبريل ( ص ) أن أقرأ القرآن راكعا وساجدا .
قال الطبري : وهو حديث صحيح ، وبه أخذ فقهاء الامصار .
وصار قوم من التابعين إلى جواز ذلك ، وهو مذهب البخاري ، لانه لم يصح الحديث عنده .
والله أعلم .
واختلفوا هل الركوع ، والسجود قول محدود يقوله المصلي ، أم لا ؟ فقال مالك : ليس في ذلك قول محدود ، وذهب الشافعي ، وأبو حنيفة وأحمد ، وجماعة غيرهم إلى أن المصلي يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا .
وفي السجود سبحان ربي الاعلى ثلاثا على ما جاء في حديث عقبة بن عامر ، وقال الثوري : أحب إلي أن يقولها الامام خمسا في صلاته حتى يدرك الذي خلفه ثلاث تسبيحات .
والسبب في هذا الاختلاف : معارضة حديث ابن عباس في هذا الباب لحديث عقبة بن عامر : وذلك أن في حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال : ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا ، أو ساجدا ، فأما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم وفي حديث عقبة بن عامر أنه قال : لمانزلت
( فسبح باسم ربك العظيم)
قال لنا رسول الله ( ص ) : اجعلوها في ركوعكم ، ولما