بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص103
أم الكتاب عنده في الصلاة ، ومن رأى أنها آية من أول كل سورة ، وجب عنده أن يقرأها مع السورة .
وهذه المسألة قد كثر الاختلاف فيها والمسألة محتملة ، ولكن من أعجب ما وقع في هذه المسألة أنهم يقولون : ربما اختلف فيه هل بسم الله الرحمن الرحيم آية من القرآن في غير سورة النمل ؟ أم إنما هي آية من القرآن في سورة النمل فقط ؟ ويحكون على جهة الرد على الشافعي أنها لو كانت من القرآن في غير سورة النمل ، لبينه رسول الله ( ص ) ، لان القرآن نقل تواترا ، وهذا الذي قاله القاضي في الرد على الشافعي ، وظن أنه قاطع .
وأما أبو حامد فانتصر لهذا بأن قال : إنه أيضا لو كانت من غير القرآن ، لوجب على رسول الله ( ص ) أن يبين ذلك ، وهذا كله تخبط وشئ غير مفهوم ، فإنه كيف يجوز في الاية الواحدة بعينها أن يقال فيها : إنها من القرآن في موضع ، وإنها ليست من القرآن في موضع آخر ، بل يقال : إن بسم الله الرحمن الرحيم قد ثبت أنها من القرآن حيثما ذكرت وأنها آية من سورة النمل ، وهل هي آية من سورة أم القرآن ، ومن كل سورة يستفتح بها ؟ مختلف فيه ، والمسألة محتملة ، وذلك أنها في سائر السور فاتحة ، وهي جزء من سورة النمل فتأمل هذا ، فإنه بين ، والله أعلم .
المسألة الخامسة : اتفق العلماء على أنه لا تجوز صلاة بغير قراءة ، لا عمدا ، ولا سهوا إلا شيئا روي عن عمر رضي الله عنه أنه صلى ، فنسي القراءة ، فقيل له في ذلك ، فقال : كيف كان الركوع ، والسجود ؟ فقيل حسن .
فقال : لا بأس إذا ، وهو حديث غريب عندهم أدخله مالك في موطئه في بعض الروايات ، وإلا شيئا روي عن ابن عباس أنه لا يقرأ في صلاة السر ، وأنه قال : قرأ رسول الله ( ص ) في صلوات ، وسكت في أخرى ، في الظهر ، والعصر قراءة ؟ فقال : لا .
وأخذ الجمهور بحديث خباب : أنه ( ص ) كان يقرأ في الظهر والعصر قيل فبأي شئ كنتم تعرفون ذلك ، قال : باضطراب لحيته .
وتعلق الكوفيون بحديث ابن عباس في ترك وجوب القراءة في الركعتين الاخيرتين من الصلاة لاستواء صلاة الجهر ، والسر في سكوت النبي ( ص ) في هاتين الركعتين .
واختلفوا في القراءة الواجبة في الصلاة ، فرأى بعضهم أن الواجب منذلك أم القرآن لمن حفظها ، وأن ما عداها ليس فيه توقيت ، ومن هؤلاء من أوجبها في كل ركعة ، ومنهم من أوجبها في أكثر الصلاة ، ومنهم من أوجبها في نصف الصلاة ، ومنهم من أوجبها في ركعة من الصلاة ، وبالاول قال الشافعي وهي أشهر الروايات عن مالك وقد روي عنه أنه إن قرأها في ركعتين من الرباعية ، أجزأته .
وأما من رأى أنها تجزئ في ركعة ، فمنهم الحسن البصري ، وكثير من فقهاء البصرة وأما أبو حنيفة فالواجب عنده إنما هو قراءة القرآن ، أي آية اتفقت أن تقرأ ، وحد أصحابه في ذلك ثلاث آيات قصار ، أو آية طويلة مثل آية الدين ، وهذا في الركعتين الاوليين .
وأما في الاخيرتين ، فيستحب عنده التسبيح فيهما دون القراءة وبه قال الكوفيون .
والجمهور يستحبون القراءة فيها كلها .
والسبب في