بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص92
حديث مالك بن الحويرث يوجب كونها فرضا ، إما في الجماعة ، وإما على المنفرد .
وأما صفة الاقامة ، فإنها عند مالك ، والشافعي : أما التكبير الذي في أولها فمثنى .
وأما بعد ذلك ، فمرة واحدة إلا قوله : قد قامت الصلاة ، فإنها عند مالك مرة واحدة وعند الشافعي مرتين .
وأما الحنفية ، فإن الاقامة عندهم مثنى مثنى وخير أحمد بن حنبل بين الافراد ، والتثنية على رأيه في التخيير في النداء .
وسبب الاختلاف : تعارض حديث أنس في هذا المعنى ، وحديث أبي ليلى المتقدم ، وذلك أن في حديث أنس الثابت : أمر بلال أن يشفع الاذان ، ويفرد الاقامة إلا قد قامت الصلاة ، وفي حديث أبي ليلى : أنه ( ص ) أمر بلالا ، فأذن مثنى ، وأقام مثنى .
والجمهور أنه ليس على النساء أذان ، ولا إقامة .
وقال مالك : إن أقمن ، فحسن ، وقال الشافعي : إن أذن وأقمن ، فحسن ، وقال إسحاق : إن عليهن الاذان والاقامة .
وروي عن عائشة أنها كانت تؤذن ، وتقيم – فيما ذكره ابن المنذر : والخلاف آيل إلى هل تؤم المرأة ، أو لا تؤم ؟ وقيل الاصل أنها في معنى الرجل في كل عبادة ، إلا أن يقوم الدليل على تخصيصها ، أم في بعضها ، هي كذلك ، وفي بعضها يطلب الدليل .
الباب الثالث من الجملة الثانية : في القبلة اتفق المسلمون على أن التوجه نحو البيت شرط من شروط صحة الصلاة لقوله تعالى :
( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام)
أما إذا أبصر البيت ، فالفرض عندهم هو التوجه إلى عين البيت ، ولا خلاف في ذلك .
أما إذا غابت الكعبة عن الابصار ، فاختلفوا من ذلك في موضعين .
أحدهما : هل الفرض هو العين ، أو الجهة ؟ والثاني : هل فرضه الاصابة أو الاجتهاد : أعني إصابة الجهة ، أو العين عند من أوجب العين ، فذهب قوم إلى أن الفرض هو العين .
وذهب آخرون إلى أنه الجهة .
والسبب في اختلافهم : هل في قوله تعالى :
( فول وجهك شطر المسجد الحرام)
محذوف ، حتى يكون تقديره : ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ، أم ليس هاهنا محذوف أصلا ، وأن الكلام على حقيقته ؟ فمن قدر هنالك محذوفا ، قال : الفرض الجهة ، ومن لم يقدر هنالك محذوفا قال : الفرض العين .
والواجب حمل الكلام على الحقيقة حتى يدل الدليل على حمله على المجاز .
وقد يقال : إن الدليل على تقدير هذا المحذوف قوله عليه الصلاة والسلام : ما بين المشرق ، والمغرب قبلة ، إذا توجه نحو البيت .
قالوا : واتفاق المسلمين على الصف الطويل خارج الكعبة ، يدل على أن الفرض ليس هو العين ، أعني إذا لم تكن الكعبة مبصرة ، والذي أقوله : إنه لو كان واجبا قصد العين ، لكان حرجا ، وقد قال تعالى :
( وما جعل عليكم في الدين من حرج)
فإن إصابة الع