بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص84
ضرورة وعذر ، فجعل هذا الوقت مشتركا للظهر والعصر ، والمغرب والعشاء .
المسألة الثانية : اختلف مالك والشافعي في آخر الوقت المشترك لهما ، فقال مالك : هو للظهر والعصر من بعد الزوال بمقدار أربع ركعات للظهر للحاضر ، وركعتين للمسافر إلى أن يبقى للنهار مقدار أربع ركعات للحاضر أو ركعتين للمسافر ، وجعل الوقت الخاص للظهر إنما هو ، مقدار أربع ركعات للحاضر بعد الزوال ، وإما ركعتان للمسافر ، وجعل الوقت الخاص بالعصر إما أربع ركعات قبل المغيب للحاضر ، وإما ثنتان للمسافر : أعني أنه من أدرك الوقت الخاص فقط لم تلزمه إلا الصلاة الخاصة بذلك الوقت إن كان ممن لم تلزمه الصلاة قبل ذلك الوقت ، ومن أدرك أكثر من ذلك أدرك الصلاتين معا ، أو حكم ذلك الوقت وجعل آخر الوقت الخاص لصلاة العصر مقدار ركعة قبل الغرو ب ، وكذلك فعل في اشتراك المغرب والعشاء ، إلا أن الوقت الخاص مرة جعله للمغرب فقال : هو مقدار ثلاث ركعات قبل أن يطلع الفجر ، ومرة جعله للصلاة الاخيرة كما فعل في العصر ، فقال هو مقدار أربع ركعات – وهو القياس – وجعل آخر هذا الوقت مقدار ركعة قبل طلوع الفجر .
وأما الشافعي فجعل حدود أواخر هذه الاوقات المشتركة حدا واحدا ، وهو إدراك ركعة قبل غروب الشمس ، وذلك للظهر والعصر معا ، ومقدار ركعة أيضا قبل انصداع الفجر ، وذلك للمغرب والعشاء معا .
وقد قيل عنه بمقدار تكبيرة : أعني أنه من أدرك تكبيرة قبل غروب الشمس ،فقد لزمته صلاة الظهر ، والعصر معا .
وأما أبو حنيفة فوافق مالكا في أن آخر وقت العصر مقدار ركعة لاهل الضرورات عنده قبل الغروب ، ولم يوافق في الاشتراك والاختصاص .
وسبب اختلافهم : أعني مالكا والشافعي هل القول باشتراك الوقت للصلاتين معا يقتضي أن لهما وقتين : وقت خاص بهما ووقت مشترك ، أم إنما يقتضي أن لهما وقتا مشتركا فقط ؟ وحجة الشافعي أن الجمع إنما دل على الاشتراك فقط ، لا على وقت خاص .
وأما مالك فقاس الاشتراك عنده في وقت الضرورة على الاشتراك عنده في وقت التوسعة : أعني أنه لما كان لوقت الظهر والعصر الموسع وقتان ، وقت مشترك ، ووقت خاص ، وجب أن يكون الامر كذلك في أوقات الضرورة ، والشافعي لا يوافق على اشتراك الظهر والعصر في وقت التوسعة ، فخلافهما في هذه المسألة إنما ينبني – والله أعلم – على اختلافهم في تلك الاولى .
فتأمله ، فإنه بين .
والله أعلم .
المسألة الثالثة : وأما هذه الاوقات أعني أوقات الضرورة ، فاتفقوا على أنها لاربع : للحائض تطهر في هذه الاوقات ، أو تحيض في هذه الاوقات وهي لم تصل ، والمسافر يذكر الصلاة في هذه الاوقات ، وهو حاضر ، أو الحاضر يذكرها فيها وهو مسافر ، والصبي يبلغ فيها والكافر يسلم .
واختلفوا في المغمى عليه : فقال مالك والشافعي : هو كالحائض من أهل هذه الاوقات لانه لا يقضي عندهم الصلاة التي ذهب وقتها وعند أبي حنيفة أنه يقضي