بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص21
رآه لموضع الستر لم يجز المسح على الخف المنخرق ، لانه إذا انكشف من القدم شئ انتقل فرضها من المسح إلى الغسل ، ومن رأى أن العلة في ذلك المشقة لم يعتبر الخرق ما دام يسمى خفا .
وأما التفريق بين الخرق الكثير واليسير ، فاستحسان ورفع للحرج .
وقال الثوري : كانت خفاف المهاجرين والانصار لا تسلم من الخروق كخفاف الناس ، فلو كان في ذلك حظر لورد ، ونقل عنهم .
هذه المسألة هي مسكوت عنها ، فلو كان فيها حكم مع عموم الابتلاء به ، لبينه ( ص ) وقد قال تعالى :
( لتبين للناس ما نزل إليهم)
المسألة الخامسة : وأما التوقيت فإن الفقهاء أيضا اختلفوا فيه ، فرأى مالك أن ذلك غير مؤقت ، وأن لابس الخفين يمسح عليهما ما لم ينزعهما ، أو تصيبه جنابة وذهب أبو حنيفة ، والشافعي إلى أن ذلك مؤقت .
والسبب في اختلافهم : اختلاف الاثار في ذلك ، وذلك أنه ورد في ذلك ثلاثة أحاديث : أحدها : حديث علي عن النبي ( ص ) أنه قال : جعل رسول الله ( ص ) ثلاثة أيام ، ولياليهن للمسافر ، ويوم وليلة للمقيم أخرجه مسلم .
والثاني : حديث أبي بن عمارة : أنه قال : يا رسول الله أأمسح على الخف ؟ قال : نعم .
قال وثلاثة ؟ قال : نعم ، حتى بلغ سبعا ، ثم قال : امسح ما بدا لك خرجه أبو داود والطحاوي .
الثالث : حديث صفوان بن عسال قال : كنا في سفر فأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ، ولياليهن إلا من جنابة ، ولكن من بول ، أو نوم ، أو غائط .
:
أما حديث علي فصحيح خرجه مسلم .
وأما حديث أبي بن عمارة ، فقال فيه أبو عمر ابن عبد البر : إنه حديث لا يثبت ، وليس له إسناد قائم ، ولذلك ليس ينبغي أن يعارض به حديث علي .
وأما حديثصفوان بن عسال ، فهو وإن كان لم يخرجه البخاري ، ولا مسلم ، فإنه قد صححه قوم من أهل العلم بالحديث : الترمذي ، وأبو محمد بن حزم ، وهو بظاهره معارض بدليل الخطاب لحديث أبي كحديث علي ، وقد يحتمل أن يجمع بينهما بأن يقال : إن حديث صفوان ، وحديث علي خرجا مخرج السؤال عن التوقيت ، وحديث أبي بن عمارة نص في ترك التوقيت ، لكن حديث أبي لم يثبت بعد ، فعلى هذا يجب العمل بحديثي علي وصفوان ، وهو الاظهر ، إلا أن دليل الخطاب فيهما يعارضه القياس ، وهو كون التوقيت غير مؤثر في نقض الطهارة ، لان النواقض هي الاحداث .
المسألة السادسة : وأما شرط المسح على الخفين ، فهو أن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء ، وذلك شئ مجمع عليه إلا خلافا شاذا .
وقد روي عن ابن القاسم عن مالك ، ذكره ابن لبابة في المنتخب ، وإنما قال به الاكثر لثبوته في حديث المغيرة ، وغيره إذا