بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص17
لعب الزمان بها وغيرها بعدي سوا في المحور والقطر بالخفض ، ولو عطف على المعنى لرفع القطر .
وأما الفريق الثاني : وهم الذين أوجبوا المسح ، فإنهم تأولوا قراءة النصب على أنها عطف على الموضع كما قال الشاعر : فلسنا بالجبال ولا الحديدا .
وقد رجح الجمهور قراءتهم هذه بالثابت عنه عليه الصلاة والسلام إذ قال في قوم لم يستوفوا غسل أقدامهم في الوضوء : ويل للاعقاب من النار قالوا فهذا يدل على أن الغسل هو الفرض لان الواجب هو الذي يتعلق بتركه العقاب .
وهذا ليس فيه حجة ، لانه إنما وقع الوعيد على أنهم تركوا أعقابهم دون غسل ولا شك أن من شرع في الغسل ففرضه الغسل في جميع القدم ، كما أن من شرع في المسح ففرضه المسح عند من يخير بين الامرين ، وقد يدل هذا على ما جاء في أثر آخر خرجه أيضا مسلم أنه قال : فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى : ويل للاعقاب من النار .
وهذا الاثر وإن كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح ، فهو أدل على جوازه منه على منعه ، لان الوعيد إنما تعلق فيه بترك التعميم لا بنوع الطهارة ، بل سكت لمسح أيضا مروي عن بعض الصحابة والتابعين ، ولكن من طريق المعنى ، الغسل أشد مناسبة للقدمين من المسكما أن المسح أشد مناسبة للرأس من الغسل ، إذ كانت القدمان لا ينقى دنسهما غالبا إلا بالغسل ، وينقى دنس الرأس بالمسح ، وذلك أيضا غالب ، والمصالح المعقولة لا يمتنع أن تكون أسبابا للعبادات المفروضة حتى يكون الشرع لاحظ فيهما معنيين : معنى مصلحيا ، ومعنى عباديا ، وأعني بالمصلحي ما رجع إلى الامور المحسوسة ، وبالعبادي ما رجع إلى زكاة النفس .
وكذلك اختلفوا في الكعبين هل يدخلان في المسح ، أو في الغسل عند من أجاز المسح ؟ وأصل اختلافهم الاشتراك الذي في حرف ] إلى أعني في قوله تعالى :
( وأرجلكم إلى الكعبين)
وقد تقدم القول في اشتراك هذا الحرف في قوله تعالى :
( إلى المرافق)
لكن الاشتراك وقهنالك من جهتين من اشتراك اسم اليد ، ومن اشتراك حرف إلى وهنا من قبل اشتراك حرف إلى فقط .
وقد اختلفوا في الكعب ماهو : وذلك لاشتراك اسم الكعب ، واختلاف أهل اللغة في دلالته .
فقيل : هما العظمان اللذان عند معقد الشراك ، وقيل : هما العظمان الناتئان في طرف الساق ، ولا خلاف فيما أحسب في دخولهما في الغسل عند من يرى أنهما عند معقد الشراك إذ كانا جزءا من القدم ، لذلك قال قو : إنه إذا كان الحد من جنس المحدود دخلت الغاية فيه : أعني الشئ الذ