پایگاه تخصصی فقه هنر

المدونة الکبری-ج6-ص464

يجلس للحديث اغتسل وتطيب ولبس ثيابا جددا وتعمم وسرح لحيته وصلى ركعتين قعد على منصته بخشوع ووقار ومنع الناس ان يرفعوا اصواتهم وامر ان يبخر امجلس بالعود من اوله إلى فراغه تعظيما للحديث حتى بلغ من تعظيمه له انه لدغته عقرب ست عشرة مرة وهو يحدث فصار يصفر ويتلوى حتى تم المجلس ولم يقطع كلامه ادبا مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا اكثر اصحابه سؤاله كفهم وقال حسبكم من اكثر فقد اخطأ ومن احب ان يجيب عن مسألة فليعرض نفسه على الجنة والنار ثم يجيب وقد ادركناهم إذا سئل احدهم فكأن الموت اشرف عليه وكان رضي الله تعالى عنه يقول بلغني ان العلماء يسئلون يوم القيامة عما يسئل عنه الانبياء عليهم الصللاة والسلام.

وكان يقول ليس العلم بكثرة الرواية انما هو نور يضعهالله تعالى في القلب.

وقيل له ما تقول في طلب العلم فقال حسن جميل ولكن انظر ما يلزمك من حين تصبح إلى ان تمسى فالزمه وكان رضي الله تعالى عنه يقول لا ينبغي للعالم ان يتكلم بالعلم عند من لا يطيعه فانه ذلك واهانة للعالم (ومن وصيته) للامام الشفعى رضي الله تعالى عنهما عند فراقه له ان قال له لا تسكن الريف فيضيع علمك واكتسب الدرهم ولا تكن عالة على الناس واتخذ لك ذا جاه ظهرا لئلا تستخف بك العامة ولا تدخل على ذى سلطنة الا وعنده من يعرفك وإذا جلست عند كبير فليكن بينك وبينه فسحة لئلا ياتي إليه من هو اقرب منك فيدنيه ويبعدك فيحصل في نفسك شئ.

وسئل رضي الله عنه عن ثمان واربعين مسألة فقال في ثنتين وثلاثين منها لا ادرى وقال ينبغي للعام ان يورث جلساءه لا ادرى ليكون اصلا في ايديهم يفزعون إليه

وكان رضي الله عنه مهيبا جدا يقام بين يديه الرجل كما يقام بين يدى الامراء وكانت العلماء تقتدي بعلمه والامراء تستضئ برأيه والعامة منقادة إلى قوله فكان يامر فيمتثل امره لغير سلطان ويقول فلا يسئل عن دليل على قوله وياتي بالجواب فما يجسر احد على مراجعته لشدة هيبته

وقد دخل على الخليفة المنصور العباسي وهو على فراشي وصبي يدخل ويخرج مترددا إلى مجلس الخليفة فقال له الخليفة