المدونة الکبری-ج4-ص253
وقد فسرنا ما يشبه هذا
(قلت) أرأيت ان وكلت رجلا يشترى لى طعاما من السوق أو سلعة من السلع وأمرته ينقد من عنده ففعل ثم أتيته لا قبض ذلك منه فمنعني حتى أدفع إليه الثمن نقدا (قال) أرى أن تأخذ السلعة وليس للمأمور أن يمنعه السلعة لانه انما أقرضه الدنانير التى اشترى له بها السلعة ولم يرتهن شيئا فليس له أن يمنعه مما اشترى له من ذلك (قال ابن القاسم) ولو أن رجلا أمر رجلا أن يشترى له سلعة من بلد من البلدان ولم يدفع إليه الثمن وقال أسلفني ثمنها فابتاعها ثم قدم فقال الآمر ادفع إلى السلعة وقال المأمور لا أدفع حتى تدفع إلى الثمن فأبى أن يدفع إليه السلعة كان ذلك للآمر لان الثمن كان سلفا والسلعة عنده وديعة وليست برهن وليس له أن يرتهن ما لم يرهنه
وذلك أن مالكا سئل عن رجل أمر رجلا يبتاع له لؤلؤا من مكة وينقد الثمن من عنده حتى قدم فيدفع إليه الآمر ثمنها فقدم المأمور فزعم أنه قد ابتاع الذي أمره به وانه قد ضاع منه بعد ما اشتراه (قال مالك) أرى أن يحلف بالله الذى لا اله الا هو انه لقد ابتاع له ما أمره به ونقد عنه ويأخذ منه الثمن لانه قد أئتمنه حين قال له ابتع لى وانقد عنى فلو كان رهنا يجوز له حبسه بحقه ما قال مالك ان له أن يرجع بثمنه حتى يقاصه بثمنه الا أن يكون له بينة على هلاكه فلما قال مالك انه يرجع بالثمن ويحلف عملنا أنه ليس برهن وليس له عند مالك أن يجعله رهنا بعد ما اشتراه ووجب للآمر الا أن يرضى الآمر من ذى قبل أو يكون الآمر قال له ابتعه لى وانقد عنى من عندك واحبسه حتى أدفع اليك الثمن فهذا يكون رهنا عنده (قال ابن القاسم) ومما يبين ذلك لك أن لو اشتراها ببينة وكان ذلك مما يغيب عليه مثل الثياب والجوهر واللؤلؤ وما أشبه ذلك ثم ادعى أنه هلك في يديه لم تسئل البينة ولم يقاص بشئ منها فيما دفع عن الآمر في ثمنها وحلف ان اتهم واستوفى ثمنها فهذا يدلك على أنها ليست برهن ويدلك على أنه ليس