کتاب الشهادات , الاول-ج1-ص221
أما ما ذكره في الشق الاول ففيه: ان الانسان قد يندم على ما فعله، ويكون لشدة خجله مما فعل غافلا عن حب المغفرة.
فلا ملازمة بين الامرين، ولعل الشيخ يريد حال الالتفات وتحقق الاشتياق إلى المغفرة.
وفي الشق الثاني نقول بالوجه الاول وهو عدم الاعتبار لاطلاقات الندم، وأما رواية (لا كبيرة مع الاستغفار) فلا تنفي زوال الكبيرة مع التوبة، لعدم افادتها الحصر، بل ان الاستغفار المؤثر يكون دائما عن الندم.
وكذا الكلام في الخبرين الاخرين.
والتحقيق: ان الانسان التائب يسؤه فعله في أول الامر فيندم منه، ثم يستغفر الله، أي يطلب منه الغفران، فالاستغفار هو طلب المغفرة المسبوق بالندم والعزم على عدم العود.
والمراد من التوبة هو الرجوع إلى الله، والاطاعة العملية في أوامره ونواهيه.
والمستفاد من قوله عليه السلام في خبر جنود العقل والجهل: (التوبة وضدها الاصرار، والاستغفار وضدها الاغترار) هو أن التوبة توجب المغفرة من الله تفضلا منه عزوجل، لكن التائب مأمور بالاستغفار لئلا يغتر بعفو الله وتوبته عليه، فيكون الاستغفار غير التوبة، وهي تتحقق بدونه لكنه مكمل لها.
فتحصل ان التوبة غير الاستغفار لغة وعرفا، نعم قد يظهر الانسان ندمه على المعصية وعزمه على عدم العود بقوله استغفر الله، كما يظهر ذلك بقوله أتوب إلى الله.
وإذا جمع بينهما فقال: أتوب إلى الله واستغفره، أو: استغفر الله وأتوب إليه كان أكمل، لان (أتوب إلى الله) اظهار للندم، (واستغفر الله) طلب للستر عليه، فان الغفر في اللغة التغطية، فهو حينما يندم ويتوب إلى الله يطلب منه الستر، لان الله قد لا يستر على من عصاه، كما في قصة آدم عليه السلام، إذ قال: (وعصى آدم ربه فغوى) وحكى قصته في القرآن الكريم وغيره م