کتاب الشهادات , الاول-ج1-ص124
يكون إذا كان ظاهرا حتى يعلم، كغيره من الذنوب.
فهذان قولان، وظاهر الجواهر قول ثالث، فانه بعد أن صرح بعدم الخلاف في الحرمة كالمسالك قال بعد ذكر خبر حمزة بن حمران الاتي: (فيمكن أن يقال: ان التظاهر بهما محرم) وصريح المسالك كون الحسد من الاعمال القلبية، وعليه يمكن أن يكون محكوما بحكم من الاحكام لكن ظاهر أخبار المسألة أنه من صفات القلب، فيكف يحكم عليه بشئ من الاحكام؟ وبعبارة أخرى: ان موضوعات الاحكام هي أفعال العباد لا أوصافهم.
نعم إذا كان وصف من الاوصاف باختيار العبد وجودا أو عدما أمكن أن يقال للعبد: ان أوجدت الصفة الكذائية في نفسك أو أعدمتها فالحكم كذا، لكن الحسد ليس من هذا القبيل، فانه كالخوف والبخل مثلا خارج عن الاختيار، فقولهم: (معصية) أو (حرام) مشكل، نعم لا مانع من أن يقال بوجوب تغيير الصفة السيئة مع الامكان.
أما اظهار الحسد وعدم اظهاره فذلك تحت اختيار الملكف، فيحرم عليه الاظهار، ويجب عليه المنع من ظهوره، وعلى هذا تحمل الاخبار الدالةعلى حرمة الحسد، فان تظاهر سقط عن العدالة وسقطت شهادته عن القبول.
كما يجب حمل ما دل منها على عدم خلو الانبياء والاولياء عن الحسد على الغبطة أو على الصفة غير الاختيارية، غير أن النبي صلى الله عليه، وآله وسلم لا يتظاهر به بالنسبة إلى غيره، حتى إذا كان الغير كافرا، أو يحمل على غير ذلك مما لا ينافي العصمة.
والحق أنه ان التفت الحاسد إلى لوازم الحسد كالسخط على الله تعالى فهو معصية فوق الكبيرة، سواء تظاهر بها أو لم يتظاهر، فان لم يتظاهر كان كالمنافق، وان تظاهر بها مع ذلك فذاك معصية أخرى، ويترتب على التظاهر