مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج5-ص622
وفيه انه على تقدير صحة الرواية فلا دلالة فيها على المقصود، إذ ليس فيها ان المبيع ثانيا عين المبيع أولا، فان المشتري قال: ليس عندي طعام فاشتر مني طعاما، فيمكن أن يكون هذا الطعام غير الطعام الذي وقع عليه البيع أولا كما يقتضيه التعبير عنه بالنكرة، حيث انه طلب الثمن فاعطاه الطعام عنه، بل قيل ان تكرار النكرة بالنكرة يدل على التعدد كما في قوله تعالى: ان مع العسر يسرا – الخ (1)، وأما إذا كان تكرار النكرة بالمعرفة فيدل التكرار على الاتحاد.
نعم لا يبعد شمولها للمبيع الاول بالاطلاق وثانيا لا دلالة فيها على الحرمة، بل الظاهر منها الكراهة، ولذا لم يقتصر الامام (عليه السلام) في المنعبقوله: لا تشتر، بل عقبه بالتعليل بقوله: فانه لا خير فيه، فان الظاهر من كلمة لا خير هو الكراهة، فانها مثل كلمة: لا ينبغي ولا يصلح، ونحو ذلك.
وعلى الجملة فظهور الرواية في المنع عن الاشتراء من حيث كون البيع ثانيا هو الطعام الاول، ومن حيث الزيادة والنقيصة والمساواة، والشيخ لا يقول بذلك، فلا تنطبق الرواية على مسلكه.
الثانية: رواية عبد الصمد بن بشير قال: سأله محمد بن قاسم الحناط فقال: أصلحك الله أبيع الطعام من الرجل الى أجل فأجئ وقد تغير الطعام من سعره، فيقول: ليس عندي دراهم، قال: خذ منه بسعر يومه، فقال: افهم أصلحك الله انه طعامي الذي اشتراه مني، فقال: لا تأخذ منه حتى يبيعه ويعطيك (2).
فهذه الرواية صريحة في كون المبيع ثانيا هو المبيع أولا، فعلي تقدير
1 – الانشراح: 6.
2 – التهذيب 7: 35، الاستبصار 3: 77، الفقيه 3: 130، عنهم الوسائل 18: 312.