مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج5-ص608
وبعبارة اخرى ان دليل الضرر انما يرفع الحكم الناشئ منه الضرر، ولا شبهة ان الحكم الذي ينشأ منه الضرر انما هو حكم الشارع بلزوم دفع الثمن الى البايع، فإذا امتنع البايع عن القبول يكون بقاء هذا الحكم على حاله ضرريا على المشتري، ومن الواضح ان اندفاع هذا الضرر لا ينحصر بقبول البايع ليحكم بوجوبه عليه، بل كما يدفع بوجوبه كذلك يدفع ذلكبدفعه الى الحاكم، أو بالقائه في الطريق، أو بجعله عند نفسه امانة شرعية كما هو واضح.
وتوهم ان قبض الحاكم لا يدفع الاضرار والظلم، وهكذا بعزله وكون ضمانه على مالكه توهم فاسد، كما عرفت.
ولا وجه لقياس ذلك بمن يجب عليه بيع ماله لنفقة عياله، فان الوجوب هنا باق على حاله حتى مع قيام الغير على بيع ماله وصرفه في نفقة عياله، فانه من جهة ما دل على وجوب الاتفاق لا لدليل الضرر كما هو واضح.
وكيف كان فإذا امتنع عن قبول حقه سقط وجوب الاعطاء له، لا انه يبقى على حاله وسقط اعتبار رضاه في بيع ماله كما لا يخفى.
بيان آخر للجهة الاولى
والحاصل ان الكلام في هذه المسألة يقع في جهات: الجهة الاولى: انه هل يجب على البايع قبول الثمن وقبضه مع حلول اجله إذا اعطاء المشتري أو لا يجب؟ فذكر المصنف انه يجب على البايع قبوله إذا لم يرض المشتري ببقائه عنده لدليل نفي الضرر، ولكن قد عرفت ان الضرر انما نشاء من حكم الشارع باشتغال ذمته وكونه مديونا فانه ضرر على اعتباره، ولم ينشأ الضرر من عدم قبوله.