مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج5-ص253
بيان آخر لتعارض المقومين
نتهى كلامنا الى الجمع بين المقومين، وقلنا ان المشهور ذهبوا إليه، وان مقتضى الجمع بين البنيتين هو الاخذ بالنصف إذا كانت البينة اثنان وبالثلث إذا كانت ثلاثة وهكذا، وقلنا انه لا وجه لهذا الوجه، لانه إذا كان من جهة الجمع بين الدليلين كما ذهب إليه الشيخ الطوسي، وذكر ان الجمع بين الدليلين مهما امكن أولى من الطرح، كما ان هذا يظهر من أول كلام المصنف، وهو الذي ذكره المصنف في التعادل والتراجيح من الرسائل.
واشكل عليه بانه لا وجه للجمع بين الدليلين بذلك، حيث انه طرح لهما وهو مخالفة قطعية، الا أن يكون هنا قرينة على ذلك، كما إذا أورد من شخص واحد أو من في حكم شخص واحد.
وان كان المراد من ذلك هو قاعدة العدل والانصاف والجمع بين الحقوق، كما يظهر ذلك من ذيل كلامه، وهو وان كان متينا لقيام السيرة القطعية عليه في الحقوق المالية بل ورد عليه الخبر في الودعي، فان العرف قاض بجواز بذل مقدار من المال مقدمة للعلم بوصول مقدار منهالى صاحبه نظير المقدمات الوجودية، كبذل مقدار من المال لايصال مقدار الاخر الى صاحبه، وهو حسن، ولكن لا ربط له بالمقام، حيث ان في المقام ليس حق مالي وانما الارش يثبت بالمطالبة، ولا شبهة في أنه لم يثبت بالمطالبة الا ما هو المتيقن، وأما الزائد فلا كما هو واضح.
بل ذكرنا ان اختلاف المقومين في الزيادة والنقصان مثل اختلافهم في أصل ثبوت الارش وعدمه، لان الاقل متيقن والاكثر مشكوك، فيكون الاكثر مثل أصل ثبوت الارش من الاول كما هو واضح.