مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج5-ص251
وقد اشكل عليه المصنف بهذا البيان في أول التعادل والتراجيح من كتاب الرسائل (1).
وان كان نظره في ذلك هو الرجوع الى هذه القاعدة في المرافعات المالية وحقوقها، بأن يكون العلم بوصول المال الى صاحبه متوقفا على بذل مقدار منه نظير المقدمة الوجودية، بأن يتوقف ايصال المال الى صاحبه على بذل مقدار منه، فيكون المراد من أولوية الجمع من الطرح الاولوية التعينية، كالاولوية في باب الارث، بل ذكر المصنف ان اجراء هذه القاعدة هنا أولى من اجرائها في الاحكام، لان الاخذ باحدهما كلية وترك الاخر كذلك في التكاليف الشرعية لا ينقص عن التعين الذي هو مثل الجمع بين الدليلين من الاحكام، ولا يجوز الارتكاب به بخلاف ما نحن فيه الى آخر ما ذكره.
فهذا لا شبهة فيه لقيام السيرة على ذلك، فان بناء العقلاء على امضاء هذا العمل، بل ورد نظير ذلك في الاخبار كما في قضية الودعى، حيث اوجب الامام (عليه السلام) ان لكل من الودعيين النصف مع العلم بأن الدرهم لاحدهما (2)، وذلك لان العلم بوصول المال اعني الدرهم الى صاحبه متوقف على اعطاء نصف الدرهم لغيره.
وان كان مراده هذا فهو لا شبهة فيه، الا انه اجنبي عن مقامنا، وهو الاختلاف في الارش، فان ذلك كما عرفت انما هو في الحقوق المالية،
1 – فرائد الاصول: 753.
2 – عن عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجلين كان معهما درهمان، فقال أحدهما: الدرهمان لي، وقال الاخر: هما بيني وبينك، فقال: أما الذي قال: هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له، وأنه لصاحبه، ويقسم الاخر بينهما (الفقيه 3: 22، التهذيب 6: 208، 6: 292، عنهم الوسائل 18: 450).