مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج5-ص250
وأما إذا جهل البايع والمشتري بالارش أصلا وكان رجوعهما الى المقومين من جهة جهلهم بالارش، فمقتضى القاعدة أي شئ، فهل يرجح أحد المقومين الذي يكون قوله موافقا للاصل، وهو بينة الاقل، فان الاختلاف هنا في الاكثر، ولا شبهة ان بينة الاقل موافقة للاصل، أو يؤخذ ببينة الاكثر، فان جهة الاختلاف هنا عدم وصول بينة الاقل بما وصل إليه بينة الاكثر فتكون جاهلا بالزيادة، أو يرجع الى الحاكم فيكون الحاكم مخيرا بين أن يأخذ بأي بينة شاء على حسب رأيه، أو يرجع الى القرعة لانها لكل امر مشتبه، أو يرجع الى الصلح لان لكل منهما حجة شرعية، فمقتضى العمل بها هو الرجوع إليها كما هو واضح، أو انه يجمع بينهما بطرح مقدار مفاد كل منهما والاخذ بالبقية، بأن تؤخذ من كل بينة نصف القيمة لو كان المقومان اثنان أو الثلث لو كان ثلاثة وهكذا، وقد اختار المصنف الوجه الاخير تبعا لمعظم الاصحاب، واشكل في بقية الوجوه كلها.
أقول: ان كان نظره، أي نظر المصنف، من ترجيح ما ذهب إليه المعظم الى الجمع بين الدليلين مطلقا، فانه لا شبهة في كونه جمعا عرفيا ومختصا بالموارد التي تكون في أحد الدليلين قرينة على بيان المراد.
وبعبارة اخرى ان تلك القاعدة مختصة بموارد كون أحد الدليلين ذي القرينة دون الاخر، كما إذا صدرا معا من شخص واحد، فانه نعلم بعدم كذبه، فيكون ذلك قرينة على الجمع بينهما، أو صدرا من شخصين الذين في حكم شخص واحد كالائمة (عليهم السلام) فانهم لسان واحد، ومن هنا ورد انه يقع نسبة رواية صدرت عن الصادق (عليه السلام) الى سائر الائمة (عليهم السلام)،ولكن ذلك لا يجري في المقام، فان كل واحد من المقومين غير الاخر، فالجمع بينهما على هذا النحو موجب للمخالفة القطعية، فلا يمكن الاخذ بهذه.