مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج5-ص185
وعلى هذا فلابد من ملاحظة هذه الطبيعة الثانوية، فإذا كان فرد قد تخلف فيه وصف كمال فيه ونقص عن تلك الطبيعة الثانوية فيكون ذلك عيبا، كما إذا كان الخراج في بعض أفراد الارض أكثر من غالب أفرادها، فانه حينئذ يكون ذلك عيبا في هذه الارض.
وعلى الجملة فإذا تعارض مقتضى الحقيقة الاولية وما يقتضيه طبع الشئ أولا مع حال أكثر أفراد هذه الطبيعة بحسب الغالب، يكون الثاني مقدما على الاول، ولذا لم يكن الخراج في غالب الارض عيبا فيها بل زيادتها في بعض الافراد على خلاف الاغلب عيب فيه، كما هو واضح.
ثم ذكر ان هذا هو الوجه في عدم كون الثيبوبة عيبا في الامة البالغة، إذ اغلب أفراد الاماء والجواري المجلوبة من أرض الشرك أن تكون ثيبة، ولذا ذهب أكثر الفقهاء ايضا الى عدم كون ذلك عيبا في الجارية.
ومن هنا اتضح ايضا انه لابد من ملاحظة الاغلبية الموجبة لتشكيل حقيقة ثانوية بحسب كل صنف صنف، فلا يجوز قياس الاغلبية في صنف الى صنف آخر، وعلى هذا فالثيبوبة ليست عيبا في الجارية الكبيرة، ولكنها عيب في الصغيرة، إذ اغلب أفرادها ليست ثيبة، وكذا إذا كان الخراج في الدكان من العشر وفي الدور بنصف العشر، فانه لا يكون ذلك في الدكان عيبا، لان خراج هذا الصنف بهذا المقدار، نعم و في الصنف الاخر وهو الدور بمقدار اقل.
بل ربما يكون ما يقتضيه الحقيقة الثانوية هو الميزان في كون زيادة وصف أو نقصانه عيبا أو غير عيب، بحيث حتى لو كان الشئ على حسب الخلقة الاصلية يكون ذلك عيبا فيه، وهذا لكون الرجل اغلف، فان الغلفة وان كانت على مقتضى الطبيعة الاولية حيث ان الولد لا يولد مختونا، ولكن بحسب الطبيعة الثانوية تكون ذلك عيبا في العبد.