مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص473
وانه ينسخ أو لا، وان كان الجعل والمجعول من قبيل الايجاد والوجود ولكن بينهما فرق من جهة، وهي ان الجاعل يمكن أن يجعل الحكم عاما أو مطلقا، ومع ذلك لا يكون جعله مطلقا فلا اقل انه بالنسبة الى النسخ فان الجعل لا يتعرض ببقائه ولو من حيث نسخه.
هذا كله فيما إذا كان الاستمرار مفهما من نفس الحكم بحيث يكون الحكم واردا على الاستمرار كما عرفت، وأما إذا كان الاستمرار واردا على الحكم ويكون مفهوما من دليل خارجي، كما إذا كان دليل الحكم بالنسبة الى الاستمرار مهملا وغير مقيد بالاستمرار وعدمه، ولكن استفدنا من الخارج كونه مستمرا، فانه حينئذ يجوز التمسك بالاستصحاب بعد التخصيص في بعض الصور.
مثلا إذا ورد ان من استولى على شئ فهو له، أو من حاز ملك، ورد تخصيص على ذلك من الاول، بأن قال الا الصبي مثلا، بأن اعتبر في التملك بالاستيلاء أو الحيازة البلوغ وان غير البالغ لا يملك بالحيازة،وحينئذ إذا شككنا في أنه يملك بعد بلوغه ما حازه في الصباوة أو لا، فلابد من التمسك باستصحاب حكم المخصص، فان نفس الدليل الدال على الحكم ليس له عموم أو اطلاق كما هو المفروض، وأما الدليل الاخر الدال على الاستمرار انما يدل على استمرار الحكم الثابت، ولكن لا يمكن أن يتكفل الدليل الخارجي الدال على اعتبار الاستمرار باثبات الحكم، لان الحكم مأخوذ في موضوع ما يدل على الاستمرار، فالحكم اعني الاستمرار لا يعقل أن يتكفل بموضوعه كما هو واضح.
وعلى الجملة فإذا كان الاستمرار مستفادا من دليل خارجي وكان التخصيص واردا من الاول ثم شككنا في كون الخارج دائما أو موقتا لا يمكن التمسك بالعام أو المطلق.