مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص395
أما لزوم الغرر في اسقاط خيار الرؤية من جهة ان بيع العين الغائبة لا يصح الا بذكر الاوصاف التي بها تختلف مالية المال، ومرجع اسقاط الخيار الى اشتراء المال باي وصف كان، وهذا غرري، لان الاوصاف لها دخل في المالية، فمقدار المالية من هذا المبيع غير معلوم، وأما في خيار الغبن فكذلك، فان اعتبار ذكر أوصاف المبيع ليس الا لاجل العلم بمقدار ماليته، فإذا كان الجهل بالمبيع أو بالصفة راجعا أي الجهل بالمالية فاسقاط خيار الغبن ايضا يرجع الى الجهل بمقدار مالية المال، فيلزم الغرر.
وعلى الجملة فاسقاط الخيار، أي عدم جعل الخيار في العقد معاحتمال الغبن يوجب غررية المعاملة، إذ لا يعلم ان ما تملكه واخذه أي مقدار من المال وأي مقدار له مالية، وهو واضح.
وقد اشكل عليه المصنف بما حاصله: ان الخيار من الاحكام الشرعية فلا يكون ثبوته في البيع موجبا لارتفاع الغرر، والا لصح كل بيع غرري على وجه التزلزل، فثبوت الخيار وعدمه بالنسبة الى ثبوت موضوع الغرر في المعاملة وعدمه سيان.
ويرد عليه ان هذا المطلب متين فيما كان الخيار ثابتا بجعل الشارع، فانه من الاحكام الشرعية التي لا ترتبط بالغرر نفيا واثباتا، فلا يكون ثبوته رافعا للغرر، ولا ان سقوطه يوجب الغرر، ولكن لا شبهة في أن الخيار الثابت بجعل المتعاقدين يوجب رفع الغرر، فان المعاملة مع اشتراط أن يكون له الخيار مع ظهور الغبن فيها لا تكون غررية، أي يكون هذا الاشتراط رافعا للغرر وموجبا لسقوطه، فان الغرر هو الخطر، فمع هذا الشرط فأي خطر في المعاملة، فانه مختار مع ظهور الغبن فيها أن يرض أو يفسخها، وهو واضح، فتحصل ان جعل الخيار في المعاملة يوجب رفع الغرر فيها.