مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص283
فلا حاجة لهما الى تلك الرواية، أي الرواية اشتملت على هذين الحكمين كما ذكرناه، فشئ منهما لا مساس بما ذكره صاحب الجواهر،فان ما اشتمل عليه الرواية حكم موافق للقاعدة الاولية كما ذكره المصنف فلا يحتاج الى الرواية، فلا تكون الرواية مخالفة للقاعدة.
نعم يمكن أن يكون نظر صاحب الجواهر على ما ذكره المصنف الى قاعدة الخراج بالضمان (1)، بدعوى ان منافع الثمن ملك للبايع، فيكون ضمانه عليه.
أقول: ان هذه القاعدة ليس له اساس صحيح بل هي مذكورة في النبوي الضعيف المنقول من طرق العامة، وقد عملوا بها حتى ان أبا حنيفة عممتها الى موارد الغصب، وقال: ان منفعته للغاصب لكون الضمان عليه، وقد وقع النكير عليه في صحيحة أبي ولاد (2) في كراء
1 – عوالي اللئالي 1: 219، الرقم: 89.
عن عائشة قالت: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): الخراج بالضمان، وفي جملة اخرى من الروايات: انه قضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ان الخراج بالضمان، وفي جملة اخرى عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): الغلة باضمان.
سنن النسائي 2: 215 كتاب البيع باب الخراج بالضمان، سنن أبي داود 3: 284 الرقم: 3508 كتاب البيع باب من اشترى عبدا فاستغله ثم وجد به عيبا، سنن البيهقي 5: 321 كتاب البيع باب المشتري يجد فيما اشتراه عيبا وقد استغله زمانا، مصابيح السنة للبغوي 2: 10 كتاب البيع باب المنهي عنه من البيوع، مسند أبي داود الطيالسي 6: 206، الحاكم للمستدرك 2: 15 كتاب البيع، المسند لاحمد 6: 208، سنن ابن ماجة 2: 31 كتاب البيع باب الخراج بالضمان، تاريخ بغداد للخطيب 8: 298 ترجمة خالد بن مهران، كنز العمال 2: 211 الرقم: 4571 باب خيار العيب.
2 – قال: اكتريت بغلا الى القصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي، فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت ان صاحبي توجه الى النيل، فتوجهت نحو النيل، فلما أتيت النيل خبرت ان صاحبي توجه الى بغداد، فاتبعته وظفرت به وفرغت ممابيني وبينه ورجعنا الى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما، فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت ان أتحلل منه مما صنعت وأرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهما، فأبي أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة، فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل، فقال لي: وما صنعت بالبغل، فقلت: قد دفعته إليه سليما، قال: نعم بعد خمسة عشر يوما، فقال: ما تريد من الرجل، قال: اريد كري بغلي فقد حبسه على خمسة عشر يوما، فقال: ما أري لك حقا لانه اكتراه الى قصر ابن هبيرة فخالف وركبه الى النيل والى بغداد فضمن قيمة البغل وسقط الكري، فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزم الكرى.
قال: فخرجنا من عنده، وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته مما أفتي به أبو حنيفة، فأعطيته شيئا وتحللت منه، فحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) بما أفتي به أبو حنيفة، فقال: في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها، وتمنع الارض بركتها، قال: فقلت لابي عبد الله (عليه السلام): فما تري انت، قال: أري له عليك مثل كري بغل ذاهبا من الكوفة الى النيل، ومثل كري بغل راكبا من النيل الى بغداد، ومثل كري بغل من بغداد الى الكوفة توفيه اياه، قال: فقلت: جعلت فداك اني قد علفته بدراهم فلي عليه علفه، فقال: لا لانك غاصب، فقلت: أرايت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني، قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته، قلت: فان أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز (وفي التهذيب: عقر، وفي الوافي: غمر) فقال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه، قلت: فمن يعرف ذلك، قال: أنت وهو اما أن يحلف هو على القيمة فتلزمك، فان رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكري كذا وكذا فيلزمك، قلت: اني كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني، فقال: انما رضي بها وحللك حين قضي عليه أبو حنيفة بالجور والظلم، ولكن ارجع إليه فأخبره بما افتيتك به، فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شئ عليك بعد ذلك.
قال أبو ولاد: فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري، فأخبرته بما أفتاني به أبو عبد الله (عليه السلام) وقلت له: قل ما شئت حتى اعطيكه، فقال: قد حببت الى جعفر بن محمد (عليهما السلام) ووقعفي قلبي له التفضيل وأنت في حل، وان احببت ان ارد عليك الذي اخذت منك فعلت (الكافي 5: 290، التهذيب 7: 215)، صحيحة