مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج3-ص794
بيان آخر
بعبارة اخرى قد دلت الروايات الكثيرة على استحباب طلب العلم، وجملة اخرى من الروايات على استحباب طلب الكسب، وربما توهم التعارض بينهما، وجمع بينهما صاحب الحدائق، بتخصيص ما دل على استحباب الكسب بما دل على استحباب تحصيل العلم، وكون الاخبار الدالة على استحباب الكسب مختصا بغير اهل العلم.
وأيد ذلك بجملة من الاخبار الدالة على حسن التوكل، وان اهل العلملا بد وأن يتوكل على الله تعالى في اموره ويطلب من الله تعالى رزقه، وايضا أيده بكلام الشهيد في المنية.
ولكن الظاهر انه لا دلالة في شئ من المذكورات على مقصد الحدائق، كما أفاده المصنف، فان حسن التوكل على الله لا يدل على الاعراض عن الكسب، وليس معناه ان الانسان يتوكل على الله ويقعد في بيته، بل معناه انه يجب لكل شخص أن يتوكل على الله في اموره بالخصوص اهل العلم، فانهم قواد الدين، بل كانت الائمة (عليهم السلام) متوكلون على الله، ومع ذلك كانوا يشتغلون بالكسب، وكان امير المؤمنين (عليه السلام) اول من آمن بالله ومتوكلا عليه، ومع ذلك موجر نفسه لليهودي ويشتغل بالزراعة والتجارة.
وفي مجموعة الورام: ان الباقر (عليه السلام) كان يرجع من البستان وكان متكئا على الغلامين فاعترضه أحد الصواف: ما لك قد خرجت في هذه الحرارة لطلب الدنيا، فقال (عليه السلام): ليس هذا طلبا للدنيا بل من العبادة.
وبالجملة لا اشعار في شئ مما دل على لزوم التوكل وحسنه على ترك الكسب والاشتغال بطلب العلم، والا لجاز الاستدلال بها على