مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج3-ص577
اعتبار التسليم أم لم يكن فالتسليم غير معتبر هنا.
وربما يقال بكون بيع العبد ممن ينعتق عليه باطلا لتحقق الغرر وعدم كون البايع قادرا على التسليم المعتبر في البيع، فيكون من قبيل بيع ما ليس عنده ايضا، فان اعتبار الشارع حرية المبيع وكونه منعتقا بمجرد البيع خارج عما نحن فيه، بل لابد ان نلاحظ المبيع مع قطع النظر عن حكم الشارع، ومن الواضح جدا ان هذا البيع – اي بيع العبد الابق ممن ينعتق عليه – مع قطع النظر عن حكم الشارع بانعتاقه بيع خطري غرري، ومن بيع ما ليس عنده، فلا يصح ذلك ايضا.
وفيه انه ليس هنا غرر بالفعل الذي هو موضوع الحكم فعلا، فان هذه القضية، اي قضية نهي النبي (عليه السلام) عن بيع الغرر قضية حقيقية منحلة الى قضايا متعددة، اي كلما تحقق غرر فيكون البيع باطلا، ففي المقام ان البيع غير غرري، ففرضه بأنه لولا حكم الشارع بالانعتاق فيكون البيع غرريا اجنبي عن المقام، لانه غرر شأني، فالغرر الشأني ليس موضوعا للحكم، أما قوله (عليه السلام): لا تبع ما ليس عندك، فقد عرفت انه لا يحتاج ذلك الى التسليم فعلا، فلا وجه لملاحظته بأنه لو لم يكن حكم الشارع بالانعتاق لكان من قبيل بيع ما ليس عنده كما هو واضح.
وبالجملة ان كلا النبويين لا يشملان بيع العبد الابق ممن ينعتق عليه، اما النهي عن بيع الغرر فلعدم الغرر، فيكون النهي منتفيا لكونه تابعا لفعلية الموضوع بحسب القضية الحقيقية، فلا غرر فعلي في بيع العبد، نعم فالغرر شأني مع قطع النظر عن حكم الشارع، ولكنه ليس موضوعا.
وأما النهي عن بيع ما ليس عنده، فقد عرفت عدم اعتبار التسليم هنا مع قطع النظر عن هذا النهي ايضا، فان القدرة على التسليم ليست لها موضوعية في الحكم وانما هي معتبرة من باب الطريقية الى التسليم