مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج3-ص571
واما إذا كان المدرك قوله (عليه السلام): لا تبع ما ليس عندك، فان الكلام حينئذ في الشبهات المفهومية هو الكلام الذي تقدم، من أن المقام من موارد دوران الامر بين الاقل والاكثر فنأخذ المقدار المتيقن، فنجريالبراءة في الزائد، وأما الشبهة المصداقية فتحقق على هذا، فان معنى كون المال عنده أو ليس عنده وان كان واضحا على مسلكنا، كما تقدم من كون ظهوره عبارة عن الملكية دون الاعم منه ومن القدرة على التسليم، ولكن مع التنزيل عن ذلك وأخذ العند بمعنى السلطنة على التسليم.
وعليه فيمكن أن يشك الانسان في ملكه انه عنده أو ليس عنده، كما إذا تولد فرسه أو غنمه أو غيرهما من الحيوانات المملوكة له في غير بلده، وشك في أنه هل هو قادر على تسليمه أو لا، لاحتمال كون طريقه – اي طريق ذلك البلد – مسدودا وهكذا وهكذا.
ففي هذه الموارد، اما التمسك بالعمومات الدالة على صحة المعاملة فلا يجوز، لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
بل نقول: انه تارة يكون لهذا الفرد المشكوك حالة سابقة معلومة، بأن كان قبل زمان قادرا على التسليم أو عاجزا عنه، فبناء على كون القدرة شرطا فيستصحب القدرة على التسليم، فبناء على كون العجز مانعا فيستصحب عدم العجز، ومع كون الحالة السابقة هو العجز، فاما يستصحب عدم القدرة ان كانت هي شرطا، أو يستصحب عدم العجز ان كان هو مانعا، فلا يرد على هذا ما تقدم من الاشكال في جريان الاصل من كونه مثبتا، فان عنوان عدم السلطنة على التسليم وايصال العوضين تحت يد كل من المتبايعين امر مستصحب، فيمكن اثباته بالاستصحاب كما لا يخفى، فيحرز به انه قادر على التسليم.