مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج3-ص521
مع أنك عرفت فيما تقدم ان بدل الوقف وقف، فلا يصح ذلك الا بحملها على صوره قبل القبض لا بعده، خصوصا يساعد على ذلك قوله (عليه السلام): ان بيع الوقف امثل، حيث ان الواقف يريد الثواب، فإذا فعل هكذا فانه لا يقع بين الموقوف عليهم اختلاف فيكون اصوب وامثل.
الجهة الرابعة، وهي العمدة، ان قوله (عليه السلام): ان كان قد علم الاختلاف بين ارباب الوقف أن يبيع الوقف امثل، ومع قول السائل في سؤاله: وانه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده، فان من الواضح انه أي خصوصيه في علم الواقف بالاختلاف، وكذا عدم امنه عن التفاقم والشده، بل لابد وأن يكون المناط علم المتصدي بالوقف، فليس ذلك الا إذا كان امر الوقف بيده، وهذا لا يتم الا مع عدم تمامية الوقف وكون ذلك قبلالقبض، لعدم انطباقها بشئ من الفتاوي المذكورة في المقام.
وعلى هذا فلا يجوز الاستدلال بها على بيع الوقف بترك الاستفصال كما في كلام المصنف ( رحمه الله )، ومع ذلك كله فلا يجوز الاستدلال بها على المقصود ايضا مع ذلك التعليل الموجود فيه، وان كانت صريحة في جواز البيع، بل لابد من رد علمها الى اهلها.
وذلك فانه لا يخلو اما أن يراد من التعليل الحكمة أو العلية فلا واسطة بينهما، فان اريد منه الحكمة فلازمه القول بجواز بيع الوقف بمجرد الاختلاف وان لم يؤدي الى تلف الاموال والنفوس، فان ذلك كاختلاف المياه في باب العده، فالتعميم ليس بلازم، وان اريد منه التعليل والعلية، فلازم ذلك التعدي بكل اختلاف يوجب تلف الاموال والانفس مع بقاء الوقف، وان لم يكن بين اربابه اختلاف بل بين الجوار والطباخين والعمالين والمتولين ونحوهم، بحيث يكون المنشأ لذلك هو الوقف، وكلاهما لا يمكن الالتزام به.