مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج3-ص438
2 – أن يكون وقفا للذرية، بحيث يوقف أرضا خاصا لهم لتكون منفعته لهم، طبقة بعد طبقة وجيلا بعد جيل.
فلا شبهة ان هذا القسم من الوقف تحبيس وتمليك، اما كونه تحبيسا فلان الوقف على ما فسروا تحبيس الاصل وتسبيل الثمرة، وقد جعل الواقف ذلك الوقف كذلك كما لا يخفى، واما كونه تمليكا لهم فلمقتضاء السيرة القطعية العقلائية على ذلك، فانه لا يشك أحد في أنه إذا ثبت في ذلك ما يوجب الضمان على شئ يكون ذلك الشئ لهم، ولو غصبه غاصب لوجب عليه رده الى الذرية بمقتضي اليد والسيرة.
ومن المعلوم انه لو لم يكن هنا تمليك لكان الحكم فيها مثل المساجد من غير أن يوجب الاشغال والغاصب الضمان على الاجرة، فلازم هذه السيرة هي الملكية، على أن مقتضي الوقف على الذرية يقتضي ذلك بمقتضي مفهوم الوقف، فلو كان ذلك مجرد التحبيس لكان المناسب أن يقول الواقف: وقفت لهم بحيث يكون لهم لا عليهم.
وهذا بخلاف التمليك، فان الواقف يملك العين الموقوفة لهم ولكن يضيق دائرة السلطنة على الموقوف عليهم، ولا يجعلونهم مطلقا في العين الموقوفة لتكون سلطنتهم سلطنة مطلقة وسلطنة لهم، بل يضيق دائرة السلطنة عليهم بالشرط في ضمن الوقف وبنفسه، نظير الشرطالخارجي بحيث يكون الموقوف عليهم مالكا للمنفعة فقط ملكية مطلقه، وأما العين فليس لهم عليها مالكية الا من جهة أن تكون المنفعة لهم، واما يفعلون للعين الموقوفة بما شاؤوا فلا، واذن فتكون السلطنة عليهم لا لهم، ولذا قال الواقف عند الوقف: وقفت عليهم.
وبالجملة مقتضى تلك العبارة هي التمليك، فانه لو كان الغرض هو التحبيس لقال: وقفت لهم لا عليهم، فان من الواضح انه إذا كان الشخص