مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج3-ص347
ويرد عليه أولا: ان الاستصحاب هنا تعليقي، ومع الغض عنه فلا يجري في الشبهات الحكمية، ومع الغض ايضا فالموضوع هنا متبدل، حيث ان موضوع الجواز في أحدهما الكفر والاخر الاسلام قد تبدل كل منهما الى الاخر، فهما في نظر العرف من المتباينين، فيكون الاستصحاب اسراء حكم من موضوع الى موضوع آخر.
وثانيا: ان عدم القول بالفصل بناء على اعتباره وحجيته انما يتم في الاحكام الواقعية، أي الاحكام الثابتة بالامارات مع القطع بالملازمة بينهما، وأما الاحكام الظاهرية أي الاحكام الثابتة بالاصول، سواء كانت محرزه أو غير محرزة فلا يجري فيها، ولذا يحكم في مقدار خاص من الماء تارة بالقلة إذا كان مسبوقا بها، واخرى بالكثرة إذا كان مسبوقا بها، ويحكم في مكان خاص بوجوب القصر تارة وبوجوب الاتمام اخرى، لاختلاف الحالة السابقة، الى غير ذلك من الموارد الكثيرة التي وقع التفكيك فيها في الاحكام الظاهرية.
والوجه في ذلك ان جريان الاستصحاب تابع لوجود اليقين والشك، فأينما وجدا نحكم بجريانه والا فلا، سواء توافق مفادهما أم تخالفا، كما لا يخفى.
وثالثا: ان أصالة الصحة انما تعارض أصالة الفساد في العقود متقدم للحكومة إذا كانا واردين على مورد واحد، كما إذا شك في أن عقد الفلاني صحيح أو فاسد، فمقتضى عدم انتقال مال كل من المتعاملين الى الاخر هو الفساد، ومقتضى أصالة الصحة هو الصحة، فتكون مقدمة على اصاله الفساد لحكومتها عليها، إذ لو لم تتقدم لكانت ملغاة، إذ ما من مورد من موارد أصالة الصحة الا فأصالة الفساد فيه موجودة، فلو كانتحاكمة على أصالة الصحة لم تكن فائدة في جعل أصالة الصحة.