مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج3-ص293
الحاكم هو الذي يحكم بين الناس بالسيف والسوط، وليس ذلك شأن القاضي، وقد كان ذلك متعارف في الزمان السابق، وان كان قد اتفق الاتحاد في بعض الازمنة، بل الظاهر من صدرها هو كون القاضي مقابلا للسلطان، وقد قرر الامام (عليه السلام) ذلك.
وفيه ان ما كان متعارفا في الازمنة السابقة بل فيما يقرب الى زماننا هو تغاير الوالى والقاضي، وان القاضي من كان يصدر منه الحكم والوالى هو المجري لذلك الحكم، وأما القاضي والحاكم فهما متحدان، ومن هنا قال (عليه السلام) في بعض الروايات: جعلته عليكم قاضيا (1)، ويدل على اتحادهما بما في ذيل الرواية من قوله (عليه السلام): فاني قد جعلته حاكما، إذلو كان القاضي غير الحاكم لم يقل اني قد جعلته حاكما مع كون المذكور في صدر الرواية لفظ القاضي.
والعجب منه ( رحمه الله ) حيث أيد مدعاه بكون القاضي مقابلا للسلطان في صدر الرواية مع أنه ليس كذلك، إذ المذكور في الصدر انه تحاكما الى السلطان أو القاضي، ومن البديهي ان السلطان غير القاضي والحاكم، وان المرافعات قد ترفع الى القاضي وقد ترفع الى السلطان، ولاجل ذلك ذكر في صدر الرواية السلطان والقاضي.
فتحصل من جميع ما ذكرناه انه ليس للفقيه ولايه على أموال الناس وأنفسهم على الوجه الاول بمعنى استقلاله في التصرف فيهما، ومن هنا اتضح انه ليس له اجبار الناس على جبابة الخمس والزكاه وسائر الحقوق الواجبة كما هو واضح.
1 – التهذيب 6: 219، عنه الوسائل 27: 139.