مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج3-ص196
فإذا سقاه أحد فليس له أن يرجع الى اشخاص آخرين ممن اطلعوا على حاله، فللمقام اي خصوصية اقتضت جواز رجوع من ادي ما ضمنه الى الضامن الاخر.
وقد اجيب عن هذا الاشكال بوجوه: 1 – ما في حاشية السيد (1)، من أنه كما ان في صورة الاتلاف يكون المتلف سببا لتنجز الضمان على السابق فبقاعدة استناد الفعل الى السبب لكونه اقوي من المباشر ففي صورة التلف ايضا ان من عنده تلف المال فهو سبب لتنجز الضمان للسابق ايضا، فانه اي اللاحق كان له الاختيار في رده الى المالك، فحيث انه بسوء اختياره لم يرده إليه فيكون هو السبب لتنجز الضمان على السابق فيرجع السابق الى اللاحق مع رجوع المالك إليه لذلك، اي لقاعدة استناد الفعل الى السبب، ثم قال: انه بعد ذلك لا احتياج الى التوضيح الذي ذكره المصنف.
وفيه ان هذا على تقدير تماميته في الاتلاف بدعوى كون المتلف سببا لثبوت الضمان على سابقه، فبمقتضي ان السبب اقوي من المباشر فيرجع السابق لو رجع إليه المالك الى لاحقة المتلف.
فهذا له وجه في صورة الاتلاف مع وضوح المناقشة فيه ايضا، إذ الاتلاف ليس سببا للضمان هنا بل الضمان قد تحقق قبله بمقتضي اليد، فضمن المال المأخوذ السابق واللاحق كليهما حتى يؤديا المال الى مالكه فلم يتوقف ذلك بشئ اصلا، وانما الاتلاف أوجب الانتقال الى الذمة، فهو معنى آخر غير الضمان فلا يكون اللاحق سببا لضمان السابق، بل سبب الضمان في كلهم انما هو الاخذ باليد والاستيلاء على مال الغير كما هو واضح.
1 – حاشية المحقق الطباطبائي ( رحمه الله ) على المكاسب: 180.