مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص813
وبعبارة اخرى ان الاحكام التكليفية انما تكون فعلية بفعلية موضوعها، فما لم تصر موضوعها فعلية فلا معنى لفعلية الحكم، اذن فموضوع وجوب الوفاء انما هو العقد، ففعلية ذلك الحكم يحتاج الى تمامية العقد.
فحيث ان العقد عبارة عن ارتباط التزام بالتزام وانضمامهما معا والمعاقدة بينهما فهو لم يحصل بعد قبل اجازة المالك حتى على القول بالكشف بجميع اقسامه، وليس ذلك مثل الهبة يتحقق التمليك بالتزام طرف واحد، فان حقيقتها عبارة عن التمليك المجاني وذلك يحصل بتمليك طرف واحد والتزامه بخلاف البيع، فان الالتزام بالتمليك فيه مربوط بالتزام الطرف الاخر بذلك بحيث يرتبط أحد الالتزامين بالالتزام الاخر وينضم أحدها بالاخر حتى يترتب عليه وجوب الوفاء كمالا يخفى، فان الاصيل لا يعلم ظاهرا ان الاخر يجيز أو لا يجيز وان حصل عقد واقعا.
اذن فلا معنى لوجوب الوفاء به قبل تحقق الاجازة، بل يجوز التصرف لكل من البايع والمشتري في بيع الصرف والمشتري في الثمن في بيع السلم قبل القبض فيهما، فانه ما لم يحصل القبض لم يحصل الملكية ووجوب الوفاء بالعقد انما هو باعتبار الملتزم به أعني الملكية.
نعم في صورة العلم بأن المالك يجيز العقد لا يجوز للاصيل التصرف في ماله بخروجه عن ملكه على القول بالكشف، ولكن لازم ذلك هو جواز تصرفه في الثمن مثلا، فان خروج ماله عن ملكه مع دخول مقابلة في ملكه متلازمان.
فان قوام البيع عبارة عن المبادلة بين المالين في طرف الاضافة، وحقيقة الاضافة ليس الا خروج أحد العوضين عن ملكه ودخول