مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص711
الازدراد، بل هو كناية عن تملك مال الناس من غير استحقاق، واذن فيكون المستثني منه محذوفا في الاية المباركة، وهو اسباب التجارة وقد حذف واقيم لفظ: بالباطل (1) مقامه.
ونظير ذلك كثير في القرآن وغيره، ومن ذلك قوله تعالى: وان تكفروا انتم ومن في الارض جميعا فان الله لغنى حميد (2)، حيث حذف الجزاء واقيمت العلة مقامه.
وحينئذ فمفاد الاية المباركة انه لا تتملكوا أموالكم بينكم بشئ من الاسباب الا أن يكون ذلك السبب تجارة عن تراض، فان التملك بغير هذا السبب باطل، وعليه فتدل الاية على حصر الاسباب الصحيحة للمعاملات بالتجارة عن تراض فيكون الاستثناء فيها متصلا.
ومن هنا ظهر ما في كلام المحقق الايرواني (3)، من أن الاستثناء منقطع حتى مع قطع النظر عن قيد بالباطل، لان المراد من: لا تأكلوا لا تأكلوا أموال الغير، وبعد التجارة عن تراض ليس الاكل اكلا لمال الغير.
وثالثا: لو سلمنا كون الاستثناء في الاية منقطعا وسوق الاية بحسب ظهورها البدوي الى بيان القاعدة الكلية لكل واحد من اكل المال بالباطل والتجارة عن تراض.
وتظهر ثمرة ذلك فيما لا يعد في نظر العرف من التجارة عن تراض ولا من الاسباب الباطلة فيكون مجملا، ولكنه تعالى حيث كان بصدد بيان الاسباب المشروعة للمعاملات وتمييز صحيحها عن فاسدها وكان الاهمال مخلا بالمقصود، فلا محالة يستفاد الحصر من القرينة المقامية.
1 – البقرة: 188.
2 – ابراهيم: 8.
3 – حاشية المحقق الايرواني ( رحمه الله ) على المكاسب: 120.