مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص590
منه لو أخره أم لم يحتمل، إذ لابد من ارتكاب المحرم من المسوغ له حين الارتكاب، فإذا لم يكن حين الشرب ملزما فاختياره فعلا لا مجوز له.
واما لو كان مكرها في بيع داره موسعا فلو كان مأيوسا من التخلص عنه فاقدامه على البيع في أول الوقت لا يخرجه عن الاكراه، واما لو احتمل التخلص فلو باع أول الوقت فهو مختار والفرق واضح (1).
وقد ذكر في مبحث التزاحم من علم الاصول انه إذا كانت القدرة في كل من الواجبين شرطا عقليا وكان أحد الواجبين اهم من الاخر فيقدم فيه الاهم على غيره.
والسر فيه ان الاهم بما هو كذلك يصلح ان يكون معجزا مولويا للمكلف عن الطرف الاخر دون العكس، فتكون نسبة الاهم الى غيره كنسبة الواجب الى المستحب أو المباح، فكما لا يمكن ان يكون المباح أو المستحب مزاحما للواجب، كذلك لا يمكن ان يكون المهم مزاحما للاهم، ولا يفرق في ذلك بين كون المتزاحمين عرضيين وبين كونهما طوليين، كما لا فرق بين كون خطاب كل من المتزاحمين الطوليين فعليا وبين كون أحدهما فعليا دون الاخر مع تمامية ملاكه.
أقول: أما ما افاده من القاعدة الكلية في مزاحمة الاهم والمهم فهو متين جدا، و قد قررناه في المبحث المذكور من علم الاصول.
أما ما ذكره من التفصيل بين المعاملات وغيرها فلا يرجع الى معنى محصل، بداهة ان الاتيان بالفرد المتقدم مع سعة الوقت لا ينطبق عليه عنوان المكره عليه ولا المضطر إليه لكي يرتفع حكمه، سواء أكان ذلك من قبيل المعاملات ام كان من قبيل الامور المحرمة، فان الذي يترتب عليه الضرر انما هو ترك المجموع لا ترك خصوص الفرد الاول، وعليه
1 – حاشية المكاسب للمحقق النائيني 1: 440.