مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص586
والاخر متنجسا، فانه لا يسوغ له ان يختار شرب الخمر، لعدم كونه بالخصوص موردا للاكراه، بل لا بد له من اختيار ما يكون ملاك المبغوضية فيه أقل وأخف.
وقد انجلى لك مما ذكرناه انه إذا اكره شخص على أحد الفعلين وكان أحدهما مباحا والاخر حراما لم يكن المكره عليه مخيرا في الاتيان بأيمنهما، بل لابد له من اختيار المباح، كما إذا اكره شخص على شرب أحد الكأسين وكان أحدهما ماء والاخر خمرا، لم يجز له شرب الخمر حينئذ بزعم تعلق الاكراه به بواسطة تعلقه بالقدر المشترك بينهما.
وان كان كلا الامرين عقدا أو ايقاعا أو كان أحدهما عقدا والاخر ايقاعا، فان كان الاثر مترتبا على أحدهما دون الاخر، بأن اكره على البيع الصحيح أو الفاسد واختار المكره – بالفتح – انشاء البيع الصحيح حكم بصحته لانه لم يصدر من المكره كرها بل انما صدر منه باختياره وطيب نفسه، فلا وجه لبطلانه.
وان كان الاثر مترتبا على كل منهما من غير ان يختص أحدهما بخصوصية زائدة، كان الجامع بالنسبة اليهما متساوي الاقدام، وحينئذ فيصير كل واحد من الامرين مصداقا للمكره عليه، أعني به الجامع، وقد عرفت ان مجرد كون الشئ مصداقا للمكره عليه وان لم يوجب ارتفاع الحكم، ولكن حيث كان المكره – بالفتح – مضطرا الى اختيار أحدهما فارتفع عنه الحكم من جهة الاضطرار.
وبعبارة اخرى ان الاكراه قد تعلق بداءة بالقدر المشترك بين الامرين، والقدر المشترك لا يتحقق الا في ضمن أحدهما، لاستحالة وجود الطبيعي في الخارج بدون افراده، واذن فالمكره مضطر الى ايجاد أحد الامرين لا على التعيين لان تركهما معا يستلزم توجه الضرر عليه، ومن