پایگاه تخصصی فقه هنر

مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص580

الاكراه عرفا، بداهة ان الاصحاب (1) – وفاقا للشيخ في المبسوط (2) – جعلوا من شروط تحقق الاكراه علم المكره أو ظنه بوقوعه في الضرر المتوعد به مع الامتناع عن ايجاد المكره عليه.

ومن البين انه لا شبهة في وجود الملازمة بين امتناع المكره – بالفتح – عن الفعل المكره عليه، وبين وقوعه في الضرر الذي هو المعتبر في صدق الاكراه مع التمكن من التورية، كما لا شبهة في انتفاء هذه الملازمة مع التمكن من غيرها، واذن فموضوع الاكراه متحقق في الاول فيلحقه حكمه دون الثاني مع أن العجز عنها لو كان معتبرا لاشير إليها في قضية عمار وأبويه (3).

ولكن يتوجه على ذلك انه لم يتضح لنا الفارق بين امكان التفصي بالتورية وغيرها، فكما لا يتحقق مفهوم الاكراه في الثاني كذلك لا يتحقق مفهومه في الاول ايضا.

ومن هنا لو اكره احد على شرب الخمر مع تمكنه من هراقته على جيبه حرم عليه شربها جزما، وقد تقدم ان التورية كما تجري في الاقوال تجري في الافعال ايضا، وكذا لو اكره الجائر احدا على ارتكاب محرم أو

1 – كالمحقق في الشرايع 3: 13، والعلامة في التحرير 2: 51، والشهيد الثاني في الروضة 6: 20، والسبزواري في في الكفاية: 198.

2 – المبسوط 5: 51.

3 – قصة عمار على ما رواها المفسرون في شأن نزول قوله تعالى: الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان – النحل: 106 – ان قريشا اكرهوه وأبويه ياسر وسمية على الارتداد، فأبي أبواه فقتلوهما، وهما أول شهيدين في الاسلام، وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها، فقيل: يا رسول الله ان عمارا كفر، فقال: كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه الى قدمه، واختلط الايمان بلحمه ودمه، فاتي عمار رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو يبكي، فجعل النبي ( صلى الله عليه وآله ) يمسح عينيه، وقال: ما لك، ان عادوا لك فعدهم بما قلت.