مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص563
المفيدة للسببية في كلمة الباطل ومقابلتها في الاية مع التجارة عن تراض قرينتان على أن الاية الشريفة في مقام تمييز الاسباب الصحيحة عن الاسباب الفاسدة.
ثم ان المراد من الاكل في الاية المباركة ليس هو الازدراد – على ما هو معناه الحقيقي – وانما هو كناية عن تملك مال الناس من غير استحقاق شرعي، سواء أكان المال المزبور من المأكولات أم كان من غيرها.
وقد تعارف استعمال كلمة الاكل في التملك في الكتاب الكريم وفي كلمات الفصحاء، بل وفي غير العربية ايضا، ومن ذلك قوله تعالى: ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الي الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون (1).
ثم ان الاستثناء في الاية المباركة، سواء أكان متصلا – كما هو الظاهر – ام كان منقطعا يفيد حصر الاسباب الصحيحة للمعاملات بالتجارة عن تراض، أما على الاول فواضح، وأما على الثاني فلان الاستثناء المنفصل وان كان لا يفيد الحصر بنفسه، ولكن الله تعالى حيث كان في مقام بيان الاسباب المشروعة للمعاملات وفصل صحيحها عن فاسدها وكان الاهمال مخلا بالمقصود، فلا محالة يستفاد الحصر من الاية بالقرينة المقامية.
ونتيجة ما ذكرناه حول الاية الكريمة انه لا يجوز تملك اموال الناس بسبب من اسباب المعاملات الا أن يكون السبب المملك هو التجارة عن تراض، ومن الواضح الذي لا ريب فيه ان بيع المكره لا يعد من التجارةعن تراض فيكون فاسدا.
1 – البقرة: 188.