پایگاه تخصصی فقه هنر

مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص557

ثم ان المراد من الاختيار الذي نبحث عن اعتباره في العقد هنا هو صدور الفعل من العاقد عن الرضاء وطيب النفس مقابل الكراهة وعدم الرضاء، لا الاختيار مقابل الجبر والالجاء، والا لكان عقد المكره خارجا عن العقد موضوعا لخلوه عن القصد المعتبر في حقيقة العقد.

ثم انه قد جرت عادة الفقهاء على البحث عن عقد المكره في كتاب الطلاق، ولعله لورود الروايات الكثيرة على بطلان طلاق المكره، والا فلا اختصاص لذلك بالطلاق.

إذا عرفت ذلك فاعلم انه اتفق الاصحاب على بطلان عقد المكره، اما عند العامة فلا يصح بيع المكره (1) ولا طلاقه (2)، على تفصيل في المذاهب.

1 – الحنابلة قالوا: يشترط في البيع ان يكون العاقدان مختارين ظاهرا وباطنا، فإذا كانامختارين في الظاهر فقط كأن اتفقا على بيع عين لاحدهما فرارا من ظالم يريد اغتصابها، فان هذا البيع يقع باطلا ولا ينعقد، لانهما وان تعاقدا باختيارهما ظاهرا ولكنهما في الباطن لا يريدان هذا البيع ويسمي بيع التلجئة والامان، أما إذا باع شيئا فرارا من ظالم ونحوه من غير ان يتفق مع المشتري على أن هذا بيع تلجئة وامانة فان البيع يقع صحيحا، لانه صدر من غير اكراه في هذه الحالة.

الحنفية قالوا: ان كل عقد يكره عليه الشخص ينعقد، لان القاعدة عندهم في المكره ان كل ما يكره على النطق به ينعقد، فإذا أكرهه ظالم على بيع ملكه فان البيع ينعقد فاسدا ويملكه المشتري ملكا فاسدا وللمكره أن يجيز البيع بعد زوال اكراهه، وله ان يسترد العين حيث وجدها.

الشافعية قالوا: بيع المكره لا ينعقد رأسا الا إذا قصد ايقاع العقد ونواه حال الاكراه، فانه في هذه الحالة لا يكون مكرها.

المالكية قالوا: الاكراه الذي يمنع نفاذ البيع هو الاكراه بغير حق – فقه المذاهب 2: 161.

2 – الحنفية قالوا: طلاق المكره يقع خلافا للائمة الثلاثة، فلو اكره شخص آخر على تطليق زوجته بالضرب أو السجن أو اخذ المال وقع طلاقه.

المالكية قالوا: لا يقع الطلاق على المكره.

حتي لو اكره ان يطلق طلقة واحدة فأوقع اكثر فانه لا يلزمه شئ، لان المكره لا يملك نفسه كالمجنون.

الشافعية قالوا: طلاق المكره لا يقع بشروط: أحدها: أن يهدده بالايذاء شخص قادر على تنفيذ ما هدده به عاجلا.

ثانيها: أن يعجز المكره عن دفعه بهرب أو استغاثة بمن يقدر على دفع الايذاء عنه.

ثالثها: أن يظن المكره انه ان امتنع عن الطلاق يلحقه الايذاء الذي هددوه به.

رابعها: أن يكون الاكراه بحق، فإذا اكره على الطلاق بحق فانه يقع.

خامسها: أن لا يظهر من المكره نوع اختيار، كما إذا اكره على أن يطلقها ثلاثا فطلق واحدة.

سادسها: أن لا ينوي الطلاق فان نواه في قلبه وقع، أما التورية فانها غير لازمة.

الحنابلة قالوا: طلاق المكره لا يقع بشروط: أحدها: أن يكون بغير حق.

ثانيها: أن يكون الاكراه بما يؤلم.

ثالثها: أن يكون المهدد قادرا على فعل ما هدد به.

رابعها: أن يغلب على ظن المكره انه ان لم يطلق يقع به الايذاء.

خامسها: أن يكون عاجزا عن دفعه وعن الهرب منه – فقه المذاهب 4: 284.