مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص533
والافعال منهم في تلك الحال باذن الولي أم لم يكن كذلك.
وعلى الجملة ان الرواية وان وردت في باب الجناية ولكن مقتضى التعليل هو تنزيل قصد الصبي والمجنون منزلة عدمه، وانه لا اعتبار بشئ مما يصدر منهما قولا وفعلا بل هما مسلوبان في عالم الاعتبار من جهة الفعل والعبارة، ضرورة ان ذكر العلة في مورد خاص لا يقتضي اختصاصها به، بل هو من باب تطبيق الكبري على الصغري، واذن فلا محذور لنا في الاخذ بعموم العلة في سائر الموارد ايضا.
ويتوجه عليه انه لا وجه لجعل رفع القلم علة لكون الدية على العاقلة لعدم العلية بينهما لا شرعا ولا عرفا ولا عقلا، بل نسبة احدهما الىالاخر كوضع الحجر في جنب الانسان، والعجب من المصنف فانه قد التزم بثبوت العلية والمعلولية بين رفع القلم عن الصبي، وبين ثبوت الدية علي العاقلة ولكن لم يستوضح المناسبة والسنخية بينهما.
غاية الامر انه ثبت في الشريعة المقدسة ان دم المسلم لا يذهب هدرا، ومن الظاهر ان هذا الحكم – مع ما دل على أن عمد الصبي خطا – يلازم ثبوت دية الجناية الصادرة من الصبي على عاقلته.
والصحيح انه لا ملازمة بينهما ايضا، لان الحكمين المذكورين لا يدلان على ثبوت الدية على خصوص العاقلة، إذ يمكن ان تكون الدية علي جميع المسلمين أو من بيت المال أو غير ذلك، كما انه لا وجه لجعل رفع القلم معلولا لقوله (عليه السلام): عمدهما خطا، فان رفع القلم مقوم لتنزيل العمد بمنزلة الخطا، لا انه معلول له.
والتحقيق ان وجه المناسبة بين قوله (عليه السلام): رفع عنهما القلم، وبين قوله (عليه السلام): عمدهما خطا، هو ان تنزيل عمد الصبي منزلة خطائه متقوم بامرين: