پایگاه تخصصی فقه هنر

مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص521

احد فيما نعلم الا الحنفية، فانهم ذهبوا الى جواز استقلال الصبي في بعض التصرفات، وقد ذكرنا رأيهم في الحاشية آنفا.

ويدل على رأينا هذا قوله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم اموالهم (1).

ووجه الدلالة هو ان الله تعالى سجل اعتبار الرشد في جواز تصرفات الصبي في امواله مستقلا بعد تسجيله اعتبار البلوغ فيه، ومن الواضح جدا انه لو كان الرشد بوحدته كافيا في جوازها بدون اذن الولي لكاناعتبار البلوغ في ذلك قبل الرشد لغوا محضا.

فيعلم من ذلك ان نفوذ تصرفات الصبي يتوقف على امرين: البلوغ والرشد، واذن فالاية الكريمة دالة على المنع عن تصرفات الصبي قبل البلوغ وان كان رشيدا.

وقد ظهر مما ذكرناه ان ما ذكره المحقق الايرواني على خلاف الظاهر من الاية، واليك نصه: لا يبعد استفادة ان المدار في صحة معاملات الصبي على الرشد من الاية: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم اموالهم، على أن تكون الجملة الاخيرة استدراكا عن صدر الاية وانه مع استيناس الرشد لا يتوقف في دفع المال ولا ينتظر البلوغ، وان اعتبار البلوغ طريقي اعتبر امارة الى الرشد بلا موضوعية له (2).

وقد استدل بهذه الاية المباركة على نفوذ تصرفات الصبي قبل البلوغ، بدعوى أن قوله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، يقتضى ان الابتلاء انما يحصل قبل البلوغ، والمراد من هذا الابتلاء اختبار حاله في

1 – النساء: 6.

2 – حاشية المكاسب للمحقق الايرواني: 106.