مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص518
تشملهم كشمولها للبالغين، وهذا ظاهر لا شبهة فيه، وانما البحث في انه هل هنا تناف بين ادلة المستحبات وبين ما دل على رفع القلم عن الصبي لكي يقدم الثاني على الاول بالحكومة أم لا، الظاهر انه لا تنافي بينهما، ضرورة ان المراد من رفع القلم انما هو قلم التكليف، ومن البين انه لا تكليف في المستحبات حتي يرتفع بذلك.
وقد يتوهم ان المراد من رفع القلم هو رفع الكتابة والجعل، بمعنى انه لم يكتب عليهم حكم من الاحكام الشرعية، فالحكومة على حالها، ولكنه توهم فاسد، لانه خلاف الظاهر من دليل رفع القلم عن الصبي، لانه انما ورد في مقام الامتنان، ومن الظاهر انه لا امتنان في رفع المستحبات.
أما العبادات الواجبة، فربما يتوهم ان المرتفع منها بدليل رفع القلم عن الصبي انما هو الالزام فقط واما مطلوبيتها فهي باقية على حالها، وعليه فتصح عبادات الصبي.
ولكن يتوجه عليه ان قلم الرفع انما تعلق بما تعلق به قلم الوضع، ومنالواضح ان المجعول امر بسيط غير قابل للتقسيط، وكذلك المرفوع، بل قد ذكرنا في محله ان صيغة الامر وما في معناها موضوعة لابراز اعتبار المادة على ذمة المكلف فقط، واما الوجوب فانه نشأ من ناحية العقل الحاكم بوجوب اطاعة المولى ما لم يرخص في الترك، فما هو قابل للرفع والوضع شرعا هو نفس الاعتبار دون الوجوب المترتب عليه.
والتحقيق أن يستدل على مشروعية عبادات الصبي بالروايات (1) الدالة
1 – عن الحلبي، عن أبي عبد الله عن ابيه (عليهما السلام) قال: انا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين، ونحن نأمر صبياننا بالصوم إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم، ان كان الى نصف النهار أو اكثر من ذلك أو اقل، فإذا غلبهم العطش والغرث أفطروا حتي يتعودوا الصوم ويطيقوه، فمروا صبيانكم إذا كانوا بني تسع سنين بالصوم ما استطاعوا من صيام اليوم، فإذا غلبهم العطش أفطروا، (الكافي 410: 124، التهذيب 2: 380، 4: 284، الاستبصار 1: 409، 2: 132، الفقيه 1182، عنهم الوسائل 10: 234، 4: 19.
وعن الراوندي باسناده عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) انه قال: مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا ابناء ست سنين (البحار 104: 50، المستدرك 3: 19).
وعن الجعفريات باسناده عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) انه قال: مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا ابناء عشر سنين (الجعفريات: 51، عنه المستدرك 3: 19).