مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص515
أما الروايات المتقدمة فهي لا تتفق ومذهب الامامية، بديهة ان كل احد انما يؤاخذ بعمل نفسه، ان خيرا فخير وان شرا فشر، فالله تعالى لا يؤاخذ عبدا بمجرد علمه بأنه يعمل المعاصي ويرتكب الخبائث، بل لا بد وان يتركه حتي يبلغ ويختبر ثم يؤاخذه بعمله لكي لا تكون له على الله حجة، بل تكون لله عليه الحجة البالغة ويهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة.
ومن هنا قد ورد في روايات كثيرة (1): ان الله تعالى يمتحن الاطفال
1 – عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته هل سئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الاطفال، فقال: قد سئل، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين، ثم قال: يا زرارة هل تدري قوله الله اعلم بما كانوا عاملين، قلت: لا، قال: لله فيهم المشية، انه إذا كان يوم القيامة جمع الله عزوجل الاطفال والذي مات من الناس في الفترة – أي ما بين رسولين من رسل الله – والشيخ الكبير الذي أدرك النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو لا يعقل والاصم والابكم الذي لا يعقل والمجنون والابله الذي لا يعقل، وكل واحد منهم يحتج على الله عزوجل، فيبعث الله إليهم ملكا من الملائكة فيوجج لهم نارا، ثم يبعث الله إليهم ملكا فيقول لهم: ان ربكم يأمركم ان تثبوا فيها، فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما وادخل الجنة، ومن تخلف عنها دخل النار (الكافي 3: 248)، حسنة بابراهيم بن هاشم.
وعن عبد الله بن سلام مولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، قال: سألت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقلت: أخبرني أيعذب الله عزوجل خلقا بلا حجة، فقال: معاذ الله، قلت: فأولاد المشركين في الجنة أم فيالنار، فقال: الله تبارك وتعالى أولي بهم، انه إذا كان يوم القيامة وجمع الله عزوجل الخلائق لفصل القضاء يأتي بأولاد المشركين.
فيأمر الله عزوجل نارا يقال لها: الفلق، أشد شئ في جهنم عذابا، فيخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والاغلال.
ثم يأمر الله تبارك وتعالى أطفال المشركين أن يلقوا أنفسهم في تلك النار، فمن سبق له في علم الله عزوجل ان يكون سعيدا القي نفسه فيها، فكانت عليه بردا وسلاما كما كانت على ابراهيم (عليه السلام)، ومن سبق في علم الله عزوجل ان يكون شقيا امتنع ولم يلق نفسه في النار، فيأمر الله تبارك وتعالى النار فتلقطه لتركه امر الله وامتناعه من الدخول فيها، فيكون تبعا لابائه في جهنم، وذلك قوله عزوجل: فمنهم شقي وسعيد، (توحيد الصدوق باب في الاطفال: 400).
والى غير ذلك من الروايات الكثيرة بل المتواترة الدالة على أن الاطفال الذي ماتوا قبل البلوغ يمتحنون بالنار ولا يلحقون بآبائهم بلا حجة وامتحا