مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص433
أما الوجه في تخيير الضامن بين اداء المثل والقيمة، فهو ان الضامن يعلم اجمالا باشتغال ذمته باحد أمرين: أما المثل أو القيمة، ومقتضي الاحتياط هو تحصيل القطع بالبراءة، لما عرفته الان من أن المورد من قبيل دوران الامر بين المتبائنين، ومن الواضح ان القطع بفراغ الذمة في امثال هذه الموارد لا يحصل الا باداء كلا الامرين لكي تحصل الموافقة القطعية، ولكن مقتضى الاجماع بل الضرورة بل مقتضى قاعدة نفي الضرر هو ان الضامن لا يلزم باداء كلا الامرين، واذن فيكون مخيرا بين اداء المثل واداء القيمة.
أما الوجه في تخيير المالك بين مطالبة المثل ومطالبة القيمة، فهو ما ذكره بعض من أن ذمة الضامن وان كانت مشغولة اما بالمثل أو بالقيمة الا أن ما يختاره المالك، اما هو البدل الواقعي أو انه بدل البدل، وعلى كلا التقديرين فيكون ذلك مسقطا لما في ذمة الضامن، أما على الاول فواضح، أما على الثاني فلرضاء المالك بذلك على الفرض، واذن فما يختاره المالك مسقط لما في ذمة الضامن قطعا دون غيره، لانه مشكوك فيه فالاصل عدم سقوطه الا بما يختاره المالك.
ويرد على كلا الوجهين ان اشتغال الذمة بالمثل أو بالقيمة واقعا وقيام الاجماع والضرورة على عدم وجوب ادائهما معا لا يقتضيان تخيير الضامن بين أداء المثل والقيمة، ولا تخيير المالك في استيفاء أيهما شاء، بل يمكن تعيين ما في الذمة بالصلح القهري، بان يرجع الضامن والمالك كلاهما الى الحاكم الشرعي ويحكم الحاكم بذلك، ويمكن أن يرجع في تعيين أحد الامرين الى القرعة، بناءا على جريانها في كل أمر مشكل ولو كان في الشبهات الحكمية، ولكن الظاهر تسالمهم على عدم جريانها في الشبهات الحكمية.