مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص387
أما المدرك لعكس القاعدة – أعني به ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، فقد ذكر المصنف ان مدركه – على ما تقدم من كلام الشيخ في المبسوط – هو الاولوية، لان دليل الضمان عنده انما هو الاقدام وإذا لم يوجب الاقدام الضمان في العقد الصحيح كالرهن الصحيح مثلا، لم يوجب ذلك في العقد الفاسد – ايضا – بالاولوية، ضرورة أن العقد الفاسد لغو محض وانه بمنزلة المعدوم – انتهى ملخص كلامه.
ويرد عليه ان عدم الضمان في العقد الصحيح – كالهبة الصحيحة مثلا – انما هو من جهة كون المال ملكا مجانيا للقابض، ومن الواضح انه لم تحصل له الملكية في العقد الفاسد كالهبة الفاسدة مثلا، واذن فلا وجه لدعوي الاولوية – هنا – بوجه، وهذا واضح لا ستار عليه.
ويضاف الى ذلك ما ذكرناه سابقا، من ان الاقدام الساذج ليس دليلا على الضمان بل الدليل عليه انما هو السيرة مع الاقدام.
وقد يتوهم ان قاعدة ضمان اليد وان كانت مقتضية للضمان في العقودالفاسدة التي لا ضمان في صحيحها، الا انها مخصصة بادلة الاستيمان، ولكن هذا التوهم فاسد لان قاعدة ضمان اليد لا تشمل موارد التسليط المجاني لكي نحتاج الى تخصيصها بادلة الاستيمان، وعليه فمورد الكلام خارج عن قاعدة ضمان اليد وعن مورد ادلة الاستيمان – ايضا – خروجا تخصصيا، وهذا ظاهر.
وقد ظهر لك مما حققناه انه لا وجه لاثبات عدم الضمان في الهبة الفاسدة بفحوي ما دل على عدم الضمان في موارد الاستيمان كما صنعه المصنف في المتن، أضف الى ذلك ان المالك لم يسلط غيره على ماله في موارد الاستيمان ليتصرف فيه أي تصرف بل سلطه عليه ليحفظه عن التلف، بخلافه في الهبة الفاسدة، وعليه فلا يمكن قياس احدهما بالاخر.