پایگاه تخصصی فقه هنر

مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص358

الاستدلال على الضمان

د ذكر المصنف: ان هذه المسألة – أعني بها مسألة المقبوض بالعقد الفاسد – من جزئيات القاعدة المعروفة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

فالمهم بيان معنى القاعدة أصلا وعكسا، ثم اطال الكلام في ذلك من حيث الشرح والتفسير، ومن حيث النقض والابرام، ومن حيث الاطراد والانعكاس.

ولكن التحقيق انه لا يهمنا البحث في شئ من هذه النواحي، ضرورة أن هذه القاعدة بالفاظها المذكورة لم ترد في آية ولا في رواية، ولا انها جعلت موردا للاجماع لكي يبحث عنها وعن مفردات الفاظها وعن سعة دلالتها، بل هذه القاعدة غير مغروسة بالالفاظ المزبورة في كلمات القدماء، وانما وجدت وحدثت في كلمات المتأخرين.

واذن فيحسن بنا ان نصرف عنان البحث الى ما يمكن ان يجعل مدركا لهذه القاعدة ودليلا على ضمان المقبوض بالعقد الفاسد، لكي يتضح من ذلك ما هو المدرك لقاعدة ضمان اليد ايضا (1).

1 – ثم انه ليس المراد من العقد في القاعدة اصلا وعكسا ما يكون بنوعه موجبا للضمان أو لا يكون موجبا له كذلك، نظير العارية فانها لا توجب بنوعه الضمان، وانما ثبت الضمان في صنف منه، وهو عارية الذهب والفضة أو المشروط فيها الضمان وعليه يدخل عارية الذهب والفضة فيما لا يضمن، كما أنه ليس المراد به ما يوجب الضمان بصنفه وعليه تدخل عارية الذهب والفضة فيما يضمن، بل المراد ما يضمن بشخصه وما لا يضمن بشخصه، فان القاعدة من قبيل القضايا الحقيقية، فالمعنى ان كل عقد يضمن بصحيحه إذا فرض تحققه في الخارج صحيحا يضمن بفاسده إذا تحقق فاسدا وهكذا العكس، ولا يعتبر فيه تحقق صنف صحيح من العقد وصنف فاسد منه.

والسر في ذلك انه لم يرد في هذه القاعدة دليل لفظي ليحمل على النوع أو على الصنف، وانما هي على طبق السيرة، وقوله ( صلى الله عليه وآله ): على اليد ما اخذت، على فرض اعتباره، فما ينطبق عليهما انما هو ما ذكرناه دون غيره.

وعلى ما ذكرناه لا يعتبر ان يكون الضمان وعدمه من مقتضيات نفس العقد في طبعه بل القاعدة جارية ولو كان الضمان أو عدمه في العقد لخصوصية فيه، فالبيع بلا ثمن والاجارة بلا اجرة لا ضمان فيهما.

ثم ان الباء في القاعدة يحتمل ان تكون للظرفية ويحتمل ان تكون للسببية وذلك من جهة ان سبب الضمان في العقد الصحيح أو الفاسد وان كان هو القبض الا انه انما يوجب الضمان إذا كان بعنوان الوفاء بالعقد والا فالقبض في نفسه مع قطع النظر عن كونه مترتبا على العقد المعاوضي لا يوجب الضمان قطعا، وأما كونه للسببية التام، فغير محتمل لعدم كون العقد علة تامة للضمان، لا تكوينا ولا تشريعا، فان كل مبيع تلف قبل القبض فهو من مال بايعه، كما أن ما ذكره المصنف ( رحمه الله ) في سببية العقد الفاسد من انه منشأ للقبض الذي هو سبب للضمان، لا يمكن المساعدة عليه فان الضمان حينئذ لا يستند الى العقد – المحاضرات 2: 147